الأحد، 3 فبراير 2013

تعليقات على الفصل 10


تعليقات على الفصل 10
إنني أشعر بالامتنان للخادمة عندما لاحظت دأب الفيلسوف  " ثاليس "  على لإمعان النظر في قبة السماء و إبقاء عينيه معلقتين بها، وضعت في طريقه شيئا ما تعثر به، لتحذره من أنه لا ينبغي له أن يدع أفكاره تهيم بين السحاب قبل أن يرى موطيء قدمه. فمما لا ريب فيه أنها علمته أن ينظر إلى نفسه أولا قبل أن يحملق بناظريه في السماء.
ميشيل دي مونتني
هل أنت في حاجة للعون؟
في غمرة مجد أواخر التسعينات، اختار العديد من المستثمرين الاعتماد على أنفسهم. و من خلال قيامهم بالبحث الذاتي و الانتقاء دون عون، وكذلك إجراء عمليات التداول عبر الانترنت، وفر هؤلاء على أنفسهم تكاليف أبحاث و معاملات  " وول ستريت " . و لكن لسوء الحظ، أقدم العديد من هؤلاء المعتمدين على أنفسهم على هذا الأمر بينما كانت السوق على مشارف أسوأ فترة هبوط لها منذالكساد العظيم في الثلاثينات ، مما جعلهم ينقمون على أنفسهم من جراء هذا الاستقلال. لكنهم ليسوا مضطرين لذلك، فالآخرون الذين فوضوا السماسرة التقليديين في اتخاذ القرارات نيابة عنهم خسروا أموالهم أيضا.
و لكن يشعر كثيرون من المستثمرين بالراحة عندما يستعينون بخبرة المستشارين الماليين المحنكين و آرائهم . قد يحتاج بعض المستثمرين لرؤية محايدة تبصرهم بالعائد الذي يجدر بهم تحقيقه من استثماراتهم، أو تخبرهم بمقدار المال الإضافي الذي يتحتم عليهم توفيره ليحققوا أهدافهم المالية. هذا بينما يقتصر نفع البعض الآخر من ذلك في العثور على من يلقون عليه باللائمة عند الخسارة. فعند حدوث الخسارة، و بدلا من جلدك لذاتك، يسعك انتقاد شخص آخر يستطيع الدفاع عن نفسه و تشجيعك في ذات الوقت على إعادة المحاولة. فلعل في هذا من الدعم المعنوي ما تحتاج إليه لمعاودة الكرة، في الوقت الذي قد تخون الشجاعة قرناءك مما يقعدهم عن تكرار المحاولة. و لكن بصف عامة، ليس هناك سبب يمنعك من إدارتك لاستثماراتك بنفسك، كما أنه ليس ثمة ما يخجل في طلب عون الخبراء في ذلك .
ولكن هل يسعك التحقق مما إذا كنت في حاجة للعون حقا أم لا؟ إليك بعض ما يعينك على الإجابة:

الخسائر الفادحة. إذا فقدت محفظتك الاستثمارية أكثر من 40% من قيمتها ما بين عامي 2000 و 2002 فقد تدنى آداؤك عن مستوى الأداء شديد السوء للسوق ذاته. وليس يهم ما إذا كان سبب تلك الخسارة هو تكاسلك أو تهورك أو حتى سوء طالعك، فبعد مثل هذه خسارة ليس يهم سوى حاجتك الماسة للعون.
ميزانية فاشلة. أن فشلت في تحقيق ما خططت له أو كدت، و لم يكن لديك أدنى فكرة عن مصير مالك، أو استحال عليك الادخار بصفة دورية، وفشلت المرة تلو الأخرى في سداد فواتيرك في مواعيدها، عندئذ عليك أن تدرك أن زمام الأمور قد أفلت من بين يديك وأنه عليك أن تستعين بأحد الخبراء في مساعدتك على إحكام سيطرتك على شئونك المالية من خلال وضع خطة مالية شاملة، تحدد لك مقدار ما عليك ادخاره و إنفاقه، واقتراضه و استثماره.
محفظة استثمارية عشوائية. ظن العديد من المستثمرين أنهم بضم 39 سهما من أسهم  شركات الانترنت أو سبعة من مختلف اصناديق أسهم  القيمة  الأمريكية  في أواخر التسعينات لمحافظهم، أنهم يطبقون بذلك استراتيجية التنويع. يشبه ذلك الظن بأنغناء كورس الأوبرا لأغنية  " نهر الرجل العجوز "  أفضل من أداء مغني واحد فقط لها.

إذ ليس المهم كم عدد المغنين الذين سوف تضمهم للكورس إذا لم تغيرني الأغنية ذاتها، فلو تحرك جميع ما في حيازتك من الأوراق المالية صعودا و هبوطا في نفس الوقت ، فمعنى ذلك افتقاد الحافظة للغرض الأساسي من عملية التنويع. وعند هذه المرحلة يمكن لخطة  " توزيع أصول "  محترفة أن تحل هذه المشكلة.
تقلبات حادة. أن طرقت باب الأعمال الحرة ، و رغبت في رسم خطة لتقاعدك ، وافتقر والداك المسنان لما يعينان به نفسيهما، أو فاقت تكاليف الدراسة الجامعية لأبنائك قدراتك، فإن المستشار لن يتيح لك فرصة السلام النفسي فحسب بل سيعينك على تحسين مستوى معيشتك تحسينا جذريا. و الأكثر من هذا أن أي محترف كفء يستطيع ضمان انتفاعك من قوانين الضرائب المعقدة ولوائح التقاعد.
الثقة أولا ، والتحقق ثانيا
تذكر أن محترفي الاحتيال يكسبون عيشهم من محاولة كسب ثقتك فيهم بمعسول الكلام، و الحيلولة دون التحقق من هويتهم. ولذلك قبل أن تضع مستقبلك في أيدي أحد الخبراء ، عليك أن تلجأ ليس لمن ترتاح إليه فحسب، بل إلى من تكون أمانتهم فوق الشبهات، وكما اعتاد  " رونالد ريجان "  أن يقول :  " عليك بالثقة ، ثم يليها التحقق. فابدأ بالتفكير ببضعة أشخاص ممن تثق فيهم عمن سواهم. و اسألهم أن كانوا يستطيعون إرشادك لشخص يثقون به، و يتوقعون منه أن يفيدك حقا لقاء ما سيأخذه. أن إختيار شخص تثق به خير بداية لك .

و فور تحديدك لاسم الشخص الخبير و اسم شركته، استعلم عن تخصصه، أهو مجرد سمسار؟ أم هو مخطط مالي، أم هو محاسب؟ هل هو مندوب تأمين؟ اشرع هنا ببذل الجهد . ابحث عن اسم الخبير و اسم شركته من خلال محركات البحث كموقع  " جوجل "  ، و لتر ما إذا كان سيسفر بحثك عن شيء  ( و تحر عن كلمات مثل: غرامة ،شكوى، مقاضاة، وقف،إجراءات تأديبية ،إلخ ) . فإن كان مستشارك سمسارا للأسهم أو مندوب تأمين ،فاتصل بهيئة الأسواق و الأوراق المالية في بلدك  ( و إليك موقع جديد لتتحقق منهwww.nasaa.org )  و ذلك لتتأكد ما إذا كان قد اتخذ ضده أية إجراءات تأديبية أو رفعت ضده أية شكاوى من عملائه . فإن لجأت لمحاسب يقوم بدور المستشار في ذات الوقت، فسوف تجد في نقابة التجاريين  ( و التي يمكنك التوصل إليها من خلال الرابطة القومية للمحاسبين على موقعwww.nasba.org )  ما يخبرك بما إذا كان سجله مشرفا أم لا.
ولابد أن يكون المخططون الماليون  ( بأسمائهم أو بأسماء مكاتبهم )  مسجلين أما في هيئة الأسواق والأوراق المالية  الأمريكية  أو لدى مراقبي معاملات الأوراق المالية التابعين للولاية التي يعملون في نطاقها. وطبقا لشروط عملية التسجيل ، ينبغي على هذا الاستشاري إيداع نموذج بياني يطلق عليه نموذج ADV، ولك أن تطالعه أو تقوم بتحميله من المواقع التالية: www.advisorinfo.sec.gov, www.iard.com أو موقع مراقب معاملات الأوراق المالية التابع لولايتك. و ينبغي هنا التأكيد على ضرورة اهتمامك اهتماما خاصا بالصفحات الخاصة  " بقيد عمليات كشف النقاب عن الإجراءات التأديبية "  ، حيث ينبغي على المستشار كشف النقاب عن أي إجراءات تأديبية يكون مراقب معاملات الأوراق المالية التابع لولايتك قد اتخذها ضده.  ( وحيث أن بعض المستشارين الذين ماتت ضمائرهم يقومون بمحو هذه الصفحات قبل تقديم نماذج ADV للعملاء المرتقبين ، عليك ببذل الجهد في الحصول على نسختك كاملة ) .
و تعد فكرة التحقق من سجل المخطط المالي المحتمل على الموقع التاليwww.cfp-board.org فكرة طيبة، إذ ستعثر فيه على معلومات عن بعض المخططين لذين تعرضوا لإجراءات عقابية خارج الولاية الأم ووقعوا في أيدي المراقبين، و لمزيد من المعلومات عن توخي الدقة المطلوبة انظر المعلومات الآتية:


اعرف ذاتك
سالت احدى دوريات التخطيط المالي حديثا العديد من المستشارين، عن كيفية تقييم المستثمر لهم عندما يطلب معونتهم . عندما تقوم بالإستعانة بأحد المستشارين عليك أن تضع الاهداف الآتية نصب عينيك:
معرفة مدى اهتمامه بتقديم العون لعملائه، أو أن ما يعنيه القيام بوظيفته فحسب.
التحقق من فهمه لمبادئ الاستثمار الأساسية كما هي مبينة بهذه الدورية من عدمه.
تحديد ما إذا كان يتمتع بالمعرفة و التدريب و الخبرة الكافية لتقديم العون لك أم لا.
وإليك فيما يلي بعضا من الأسئلة التي يوصيك المخططون الماليون المحنكون بطرحها:
لم اتخذت هذا المجال عملا لك؟ ما رسالة مؤسستك؟ و ما الذي يوقظك كل صباح إضافة إلى جرس منبهك؟
مافلسفتك في الاستثمار؟ هل تلجأ للأسهم أم صناديق الاستثمار؟ هل تستخدم أسلوب التحليل الفني؟ هل تلجأ إلى استخدام أسلوب توقيت السوق؟  ( إن الإجابة بنعم على أي من السؤالين الآخرين، تعد علامة لك لتمتنع عن التعامل مع هذا الشخص ) .

هل تركز على إدارة الأصول وحدها، أم أنك تأخذ في اعتبارك الضرائب و العقارات وخطط التقاعد ووضع الموازنات وإدارة الديون و التأمين؟ كيف يؤهلك التعليم الذي تلقيته ، وخبراتك، ومؤهلاتك لتقديم مثل هذه الاستشارات المالية؟
ما الحاجات الكتشابهة عند عملائك ؟ وكيف لك بمساعدتي على تحقيق أهدافي؟ كيف ستحسب التقدم الذي حققته حافظتي الاستثمارية؟ هل تقوم بإعداد قائمة يمكنني على ضوئها التحقق من إنجازات الخطط المالية التي اتبعناها؟
ما أساس اختيارك للاستثمارات؟ ما أسلوب الاستثمار الأكثر نجاحا في رأيك؟ و ما برهان تحقيقه للنتائج المرجوة لعملائك؟ وكيف ستستجيب تجاه تدني الأداء الاستثماري لبند ما طوال عام كامل؟  ( فيما يتعلق بهذه الأسئلة ، لو أجابك المستشار بأن الحل هو في البيع، فليس جديرا بتوظيفه ) .
هل تقبل أي صورة من صور التعويضات يمنحها طرف ثالث عند تزكية استثمار ما؟ لم نعم و لم لا؟ ومتى تقبل أو ترفض؟وكم تقدر مقابل خدمات في العام الأول؟ و ما الذي يرفع هذا المقابل أو يخفض منه في السنوات التالية؟  ( فإن كانت تلك الرسوم ستستهلك أكثر من 1% من أصولك سنويا، فعليك البحث عن مستشار آخر  )
كم عدد عملائك؟ و ما معدل تواصلك معهم؟ ما الإنجاز الأكبر الذي حققته لعميل عندك؟ و ما الخصال المشتركة التي تجمع بين عملائك ؟ ما أسوأ التجارب التي مررت بها مع عميل لك، وكيف تعاملت معها؟ هل يمكن أن يتحدث العميل معك مباشرة أو يلجأ للفريق المعاون لك؟ إلى متى تظل
علاقة العمل قائمة بينك و بين عملائك؟
هل لي أن أرى عينة من كشوف حساباتك؟  ( فإن لم تستوعب هذه الكشوفات، فاسأله شرح ما أغلق عليك فهمه. فإن لم تستوعب شرحه ، فمعنى ذلك أنه غير مناسب لك ) .
هل تعتبر نفسك ناجحا من الناحية المالية؟ ولم؟ و ما تعريفك للنجاح المالي؟ما معدل العائد السنوي المجدي على استثماراتي في رأيك؟ ( كل ما يزيد على 8% أو 10% غير واقعي ) .
هل ستعطيني بيانا بالسيرة الذاتية؟ وبيانا بشهادة ADV، وتزكية من ثلاث جهات على الأقل؟  ( فإن كانت هناك مقاضاة مرفوعة ضده، ولن يعطيك نسخة من شهادةADV، هنا قم وغادر، وتحسس حافظة نقودك وأنت تغادر ) .
هل سبق وقدمت أية شكوى رسمية ضدك؟ و ما سبب مقاضاة آخر عميل لك؟

إلحاق الهزيمة بعدوك اللدود
وأخيرا، ليبق ماثلا في ذهنك أن المستشارين الماليين العظماء لا ينمون فوق الأشجار.و في أغلب الأحيان ، يكون لهؤلاء المستشارين عدد كبير من العملاء أكثر مما يفوق قدرتهم على إدارة استثماراتهم، وقد يرفضون قبولك إلا إذا كنت تتفق و شروطهم. و لذلك سيطرحون عليك بعض الأسئلة الصعبة في المقابل، و التي قد تتضمن ما يلي:
لم تستشعر الحاجة لمستشار مالي؟
ما أهدافك على المدى الطويل؟
ما أكبر مصدر لشعورك بالإحباط في معاملاتك مع المستشارين الماليين الآخرين؟
هل لديك ميزانية؟ وهل تعيش على حسب مواردك؟ ما مقدار ما تنفقه من أصولك سنويا؟
عندما تتطلع لعام مقبل من الآن، ما الإنجاز الذي ينبغي عليك تحقيقه لينال رضاك و يشعرك بالسعادة؟
كيف تقوم بتسوية صراعاتك و خلافاتك؟
كيف كان رد فعلك نحو حالة هبوط السوق التي بدأت منذ عام 2000؟
ما أسوأ مخاوفك المالية؟ و ما أعظم  آمالك في المقابل؟
ما معدل العائد المنطقي الذي تريده على استثماراتك؟  ( أجب في ضوء ما تقرر في الفصل الثالث )
أما المستشار الذي لا يطرح أسئلة كهذه- و الذي لا يظهر اهتماما كافيا بك و لا يستشعر أية أسئلة أخرىكنت لتفضل أن تطرح عليه- فليس بالشخص الملائم.
و أهم من ذلك كله، لابد أن تكون ثقتك بمستشارك كافية ليستطيع حمايتك من عدوك اللدود و هو نفسك.و في هذا يقول المعلق  " نيك موراي "  :  " أنك لا توظف المستشار المالي لكي يدير مالك و إنما ليديرك أنت شخصيا " .
و يقول المحلل و المخطط المالي  " روبرت فريزر "  :  " إذا كان من المفترض أن يمثل هذا المستشار خط الدفاع الفاصل  بينك و بين نزواتك المفاجئة ، فلابد أن يكون لديه نظم تعين كليكما على ذلك "  ، من بين تلك النظم ما يلي:


خطة مالية شاملة: ترسم مسار جني المال وإنفاقه و اقتراضه واستثماره.
بيان بالسياسة الاستثمارية: يوضح الأسلوب الجوهري للاستثمار.
خطة توزيع الأصول: تفصل مقدار المال الذي ستوجهه لفئات الاستثمار المختلفة.
كانت تلك هي الدعائم التي تقوم عليها القرارات المالية، و هي أسس لابد من إرسائها من خلال تعاونك أنت و مستشارك ، و لا يجب أن تأتي قسرا من أحدكما. و لا ينبغي لك أن تستثمر دولارا واحدا أو تتخذ قرارا واحدا ، ما لم تتيقن من وجود هذه الدعائم وتتأك\د من أنها تتفق وطموحاتك.

الفصل 11

تحليل الاوراق المالية للمستثمر العادي:
أسلوب عام

يعد التحليل المالي في الوقت الحاضر مهنة قوية الدعائم و مزدهرة. إذ تضم جمعيات المحللين الماليين على اختلافها- و التي تشكل في مجموعها الاتحاد الوطني الفيدرالي للمحللين الماليين- ما يربو على ثلاثة عشر ألف عضو، يعتمد أكثرهم على هذا النشاط الذهني كمصدر للرزق. وللمحللين الماليين مراجع و مدونة سلوك و دورية ربع سنوية  وهم كذلك يعانون من مشاكل لم يجدوا لها حلولا حتى اليوم. و في غضون السنوات الأخيرة تزايد الميل لإحلال  " التحليل المالي "  محل  " تحليل الأوراق المالية "  لما له من مغزى واحد فضفاض يعد أكثر ملاءمة في توصيف نشاط كبار محللي  " وول ستريت "  . ولعله من المفيد أن نرى في تحليل الأوراق المالية نشاطا مقتصرا على اختبار الأسهم والسندات و تقييمها، في حين يشير التحليل المالي إلى جانب وضع سياسة استثمارية  ( انتقاء حافظة استثمارية )  فضلا عن مقدار عظيم من التحليل الاقتصادي العام. 1 و لسوف نستخدم في هذا الفصل التوصيف الأول الأكثر ملاءمة للتطبيق العملي مع التركيز على عمل محلل لأوراق المالية.

يتعمل محلل الأوراق المالية مع ماضي أي ورقة مالية وحاضرها ومستقبلها.فيصف الشركة المصدرة للورقة المالية و يلخص نتائج آدائها و مركزها المالي ثم يبين نقاط قوتها و ضعفها وإمكانياتها و المخاطر المحدقة بها، ثم يضع تقديره لقدرتها على تحقيق الأرباح  مستقبلا في ظل مختلف الافتراضات ، أو ربما في ظل أفضل التخمينات. فتراه يعقد مقارنات تفصيلية بين شركات شتى، أو يعقد مقارنة بين مستويات أداء نفس الشركة و لكن في فترات مختلفة. وأخيرا يدلي برأيه فيما يتعلق بمستوى الأمان الذي يوفره الإصدار المالي أي ما إذا كان سندا أو سهما ممتازا يرقى لمستوى الاستثمار ، أو مقدار جاذبيته الشرائية أن كان سهما عاديا.

ويعتمد محلل الورقة المالية في ذلك على عدد من الأساليب تتراوح ما بين أدنى درجات البساطة إلى أقصى درجات التعقيد.فقد يقوم بتعديلات جذرية على الأرقام المبينة في البيانات السنوية للشركة ، حتى و إن حملت الموافقة المقدسة للمحاسب العام المعتمد باحثا في تلك التقارير عن بعض العناصر التي تشي بأكثر مما تبديه في الحقيقة.
ويضع محلل الأوراق المالية معايير للأمان و يطبقها، حيث يمكنه من خلالها استخلاص ما إذا كان السهم الممتاز أو السند يصلح للشراء أو للاستثمار أم لا. وتتعلق هذه المعايير أساسا بمتوسط الأرباح  السابقة للشركة كما أنها تعني في الوقت نفسه بالهيكل الرأسمالي للشركة ، و برأس مالها العامل، وبقيمة أصولها و غير ذلك من البنود.

عند تعامله مع الأسهم العادية قلما كان محلل الأوراق المالية حتى وقت قريب يطبق معايير قيمة تتسم بنفس وضوح المعايير المستخدمة في قياس درجة أمان السندات و الأسهم الممتازة. ففي كثير من الأحيان كان يقنع بملخص لأداء الشركة السابق، مضافا إليه تنبؤ عام بالمستقبل ، مع التركيز على الشهور الاثنى عشر القادمة بصفة خاصة، ثم التوصل إلى نتيجة اعتباطية ناظرا بإحدى عينيه على مؤشرات السهم و الأخرى على الرسوم البيانية للسوق. و لكن خلال السنوات القليلة الماضية وجه المحللون الممارسون اهتماما بالغا لمشكلة تقييم الأسهم متزايدة القيمة و التي بيع منها بأسعار شديدة الإرتفاع غير متوافقة مع أرباحها السابقة و الحالية مما أشعر أولئك المحللين الذين أوصوا بشرائها،بالالتزام بتبرير توصياتهم هذه بحجة توقعهم تحقيق أرباح جيدة بعيدة المدى في المستقبل. و لقد تم التوصل إلى بعض الأساليب الرياضية المعقدة التي أيدت بحكم الظروف ما ذهبت إليه هذه التخمينات.
و سيتوجب علينا لاحقا أن نتعامل مع هذه التقنيات في أيجاز و اقتصار. و لكن ينبغي الإشارة لوجود تناقض يبعث على القلق و الذي تمثل في تفشي نماذج التقييم الرياضي في الجوانب التي يبدو فيها اللجوء إلى تلك الأساليب أقل مصداقية. و كلما زاد اعتماد عملية التقييم على التوقعات- و كلما قل ارتباطها بأرقام الأداء السابق- أضحت أكثر عرضة للخطأ وإساءة الحساب. فجزء كبير من القيمة التي تحتسب للأسهم متزايدة القيمة ذات المضاعف الكبير، إنما تحتسب بناء على توقعات مستقبلية، و التي تختلف جذريا عن الأداء الماضي ، اللهم إلا في معدل النمو. ولهذا قد يقال أن محللي الأوراق المالية يجدون أنفسهم اليوم مجبرين على الالتزم بالأساليب الرياضية و العلمية في المواقف التي يتعذر تطبيق تلك الأساليب عليها .
دعنا رغم كل هذا نواصل مناقشتنا لأهم عناصر تحليل الأوراق المالية وأساليبها. يتم توجيه المعاملات المكثفة الحالية لتلبية احتياجات المستثمرين غير المحترفين الذين أقل ما يجب عليهم فعله هو فهم ما يتحدث عنه محلل الورقة المالية وهدفه، بل و إن يكتسبوا -إن أمكن ذلك- ملكة التمييز بين التحليل السطحي و التحليل العميق الصحيح.
يظن المستثمر العادي أن تحليل الأوراق المالية يجب أن يبدأ بتفسير للتقارير المالية السنوية للشركة. وقد غطينا هذا الأمر في كتاب منفصل ألفناه ليعين المستثمر العادي على ذلك بعنوان " The Interpretation of Financial Statements "  2. ولسنا نرى أنه من الضروري أو الملائم في هذا المقام إعادة نفس الكلام في هذا الفصل، وخاصة أن جوهر كتابنا ينصب على المبادئ و التوجهات ، وليس على المعلومات و الوصف.ولنتجاوز ذلك إلى سؤالين أساسيين يتصلان بجوهر الاستثمار،

أولهما هو:ما اختبارات الأمان الأساسية،و الواجب تطبيقها على سندات شركة ما أو أسهمها الممتازة؟ وثانيهما هو: ما العوامل الجوهرية المتعلقة بتقييم الأسهم العادية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق