الأحد، 3 فبراير 2013

دعابة قديمة لاهل تكساس


دعابة قديمة لاهل تكساس
الاقتراب من الكمال
ظهرت صناديق الاستثمار المشتركة , التى كانت نتاجا امريكيا خالصا , في عام 1924, و ذلك من قبل مندوب مبيعات سابق لاوعية الالومنيوم يدعى " ادواردج.ليفلر "  . وتتسم صناديق الاستثمار برخص ثمنها وملاءمتها وتنوعها وتمتعها بادارة مديرين محترفين , وخضوعها لقواعد تنظيمية شديدة تفرضها اكتر تشريعات قانون الاوراق المالية الفيدرالية صرامة . ولكونها استثمارا يسيرا و في متناول اغلب الاشخاص , ادخلت هذه الصناديق 54 مليون عائلة امريكية  ( وملايين غيرها حول العالم  )  إلى عالم الاستثمار , و هو ما قد يكون أعظم  إنجاز حققته الديمقراطية المالية على الاطلاق.
لكن تلك الصناديق لا تخلو من العيوب مع أنها تكاد ترقى لمستوى الكمال , و هذا هو الفرق , ونظرا لما تتسم به هذه الصناديق من مثالب يتدنى مستوى اداء معظمها عن مستوى اداء السوقى في الوقت الذي تبالغ فيه فيما تفرضه من رسوم على المستثمرين , و مما تتسبب فيه من ضرائب موجعة فضلا عما تتسم به من تذبذب حاد في ادائها صعودا وهبوطا . لذلك على المستثمر الذكى أن ينتقى الصناديق الاستثمارية التى سيستثمر فيها امواله بعناية فائقة ,ليتقى شر التعرض فيما بعد لخسارة فادحة .
على قمة الرسوم البيانية
يقدم اغلب المستثمرين على شراء أسهم  الصناديق التى ارتفعت قيمتها بسرعة , مفترضين أنها ستظل في إرتفاع . و لم لا؟ فلقد بين علماء النفس أن لدى البشر ميلا فطريا للتنبؤ بالمستقبل اعتمادا على الاحداث التى يتكرر حدوثها مرات قلائل . بل الأكثر من ذلك أن كلا منا يعرف من خبرته الخاصة , أن هناك عمال سباكة أفضل من غيرهم , و إن هناك لاعبى بيسبول أفضل من غيرهم في اصابة الهدف , و إن مطاعمنا المفضلة تقدم باستمرار وجبات تفوق في جودتها غيرها , و إن الاطفال الاذكياء يحصلون على درجات مرتفعة دائما . كلنا يعلم أن المهارات والذكاء والعمل الجاد امور لا تخطئها العين وتنال المكافاة على ذلك ويتكرر حدوثها فيما حولنا . لذلك إذا تفوق صندوق على السوق فإن حدسنا يجعلنا نتوقع منه مواصلة ارتفاعه .
ولكن من سوء الطالع أنه في اسواق المال يعتبر الحظ اهم من المهارة .و إذا صادف وكان أحد المديرين في المكان المناسب في الوقت المناسب من " وول ستريت "  فسوف يبدو عبقريا , و لكن كما هو الحال دائما غالبا ما تتغير الامور من النقيض إلى النقيض و ما كان يوما رائجا يفقد جاذبيته ويبدو للناس أن معدل ذكاء مدير الصندوق المتدنى قد هبط بمعدل 50 نقطة . ويبين شكل  ( 9-1 )  ما حدث لابرز هذه الصناديق في عام 1999.
وما نورده هنا انما هو تذكرة اخرى للقارىء بكيفية تحول أكثر قطاعات السوق سخونة في عام 1999 –وهو قطاع التقنية – إلى حالة البرودة الشديدة وكانه غاز النيتروجين السائل وكيف تبدلت اوضاعه بسرعة فائقة ودون سابق انذار .
كما أنها تذكرة على أن شراء أسهم  الصناديق اعتمادا على ادائها السابق , انما هو أحد اشد التصرفات التى قد يقدم عليها المستثمر حمقا . لقد اخذ علماء المال يدرسون اداء صناديق الاستثمار طيلة نصف قرن على الاقل , وقد وصلوا بالاجماع إلى النقاط التالية :
لا تنتقى اغلب الصناديق العادية اسهمها بعناية كافية لتتغلب بذلك على تكاليف انتقاء هذه الأسهم أو تداولها .
هناك علاقة عكسية بين نفقات الصندوق وعوائده .
كلما زاد تداول أسهم  الصندوق , تضاءلت عوائده.
من المحتمل أن تظل الصناديق شديدة التقلب ما بين الإرتفاع والهبوط على هذ الوضع دائما .
ليس من المحتمل أن تظل الصناديق التى حققت عوائد مرتفعة في الماضى صناديق مربحة لوقت طويل في المستقبل .
ان فرض اختيارك للصناديق الافضل اداء في المستقبل اعتمادا فقط على ما حققته من عوائد في الماضى يعنى أنك سلكت العملية برمتها للحظ , وحتى و إن نجحت هذه الاستراتيجية مرة , فبكل تأكيد ستفشل في باقى المرات.

اسم الصندوق اجمالى العوائد
   1999          2000            2001               2002 تقييم في 31/12/2002 لمبلغ 10000$ استثمر بداية من 1/1/1999
فان واجرنر ايميرجنج جروث 291,2                   -20,9                  -59,7                      -64,6 4419
مونيومينت انترنت 273,1                   - 56,9                 -52,2                       -51,2 3756
اميريندو تكنولوجى 248,9                   -64,8                  -50,8                       -31 4175
بى بى اتش جى فور تكنولوجى اند كوميونيكيشانز 243,9                   -43,7                  -52,4                       -54,5 4198
فان واجنر بوست فينشور 237,2                   -30,3                  -62,1                       -67,3 2907
بروفاندز الترا أو تى سى 233,2                   - 73,7                 -69,1                        -69,4 829
فان واجنر تكنولوجى 223,8                   -28,1                  -61,9                        -65,8 3029
ثورلوا جروث 213,3                   - 56                    - 26,1                       -31 7015
فيريست هاند تكنولوجى انوفيتورز 212,3                   -37,9                  -29,1                        -54,8 6217
جانز جلوبال تكنولوجى 211,6                   - 337                  -40                           -40,9 7327
مؤشر ويلشاير 500 ( لاجمالى سوق الأسهم  ) 23,8                     -109                   -11                           -20,8 7780
المصدر :ليبر
لاحظ أن مونيومينت قد اعيد تسميتها لاحقا باوربيتكس ايميرجينج تكنولوجى
كانت هذه الصناديق العشرة من بين أفضل اداء في عام 1999 ,كما كانت في الحقيقة من بين أفضل الشركات بالنسبة للاداء السنوى على مدار السنين . لكن السنوات الثلاث التالية محت كافة المكاسب الضخمة لعام 1999.

ولكن هناك اخبارا سارة . فبادىء ذى بدء , أن فهمك لصعوبة العثور على صندوق جيد سيساعدك على أن تكون مستثمرا أكثر ذكاء . وثانيا , في حين يعد الاداء السابق مؤشرا واهنا على العوائد المستقبلية , هناك عوامل اخرى يمكنك توظيفها لتحسين انتقائك ما بين هذا الصندوق وذاك . واخيرا , بوسع أحد تلك الصناديق أن يمنحك ٣٣٣عوائد ممتازة حتى و إن لم يتفوق اداؤه على اداء السوق , و ذلك من خلال توفير وسيلة اقتصادية تنوع بها ما في حوزتك من اوراق مالية , واهم شىء هو أنك لو احسنت انتقاء الصندوق , ستجد الوقت اللازم لجميع الاشياء الاخرى التى تفضل القيام بها بدلا من انفاق الوقت على انتقاء الأسهم .
الاول يضحى اخيرا
لم لا تظل الصناديق الرابحة , رابحة على الدوام ؟
كلما تحسن مستوى اداء صندوق ما , ازدادت العوائق التى يواجهها مستثمروه إلا وهى :
المديرون المهاجرون. فإذا عرف عن مدير ما أنه صاحب انتقاء حصيف للاسهم , فسيسعى الكل وراءه بما فيهم الصناديق المنافسة . فلئن ابتعت أسهم  " ترانس امريكا بريميير اكويتى فاند "  لتحولها لنقد بعد ذلك اعتمادا على مهارات مديرها " جلين بيكرستاف " , و الذي حقق لهذه الشركة عوائد بلغت 47,5% في عام 1997, فقد فارفك الحظ , إذا استقطبته  " تى سى دابليو  " فى اواسط عام 1998 ليدير  " تى سى دابليوجاليليو سيليكت ايكويتيز "  التابع لها , فيما تخلفت ترانس امريكا عن ركاب السوق طوال السنوات الاربع اللاحقة . و إن ابتعت أسهم   " فيديليتى اجريسيف جروث "  في اوائل عام 2000, ليكون لك نصيب من الأرباح  التى حققتها ايرين سوليفان , وهى التى ضاعفت اموال حملة اسهمها منذ عام 1997, فاليك ما يلى من الاخبار , لقد استقالت لكى تؤسس صندوق الحماية بها عام 2000فى الوقت الذي خسر فيه الصندوق الذي كانت تديره ثلاثة ارباع قيمته في غضون السنوات الثلاث اللاحقة .
مرض تضخم الاصول. عندما يحقق صندوق ما عوائد ضخمة , يتنبه المستثمرون لذلك وهكذا تتدفق عليه مئات الملايين من الدولارات في ظرف اسبوع واحد مما يؤدى إلى الحد من الخيارات المتاحة أمام مديرى الصندوق , وتكون جميعا سيئة . ويستطيع مدير الصندوق الاحتفاظ بتلك الاموال تحسبا ليوم سوء يحتاج اليها فيه , لكن ذلك سيؤدى إلى ضالة عائدات الصندوق إذا واصلت قيمة اسهمه في ارتفاعها . كما بوسعه وضع الاموال الجديدة في الأسهم التى يمتلكها بالفعل , والتى يرجح تحقيقها لزيادة منذ الوهلة الاولى التى اشتراها فيها , ويرجح أن تزداد قيمتها بصورة خطيرة أن ابتاع منها بملايين من الدولارات . أو يمكنه ابتياع أسهم  جديدة لم تنل اعجابة إلى الحد الذي كان كفيلا بأنيجعلها ضمن ما في حوزته من أسهم  بالفعل و لكن صار عليه الان التعامل فيها , و إن يضع المزيد من الشركات ,التى قد يفوق ما اعتاد على متابعته نصب عينيه .

واخيرا , وحين يضع صندوق نيمبل ذو المائة مليون دولاراً 2% من اصوله  ( او مليونى دولاراً )  في " مينناو كورب " , وهى الشركة التى تقدر القيمة السوقية لاسهمها بخمسمائة مليون دولاراً , يكون قد ابتاع ما يقل عن نصف في المائة من قيمة هذه الشركة . و لكن إذا ادى إرتفاع مستوى اداء الصندوق إلى زيادة رأس ماله ليصل إلى عشرة مليارات دولاراً , فسيمثل 2% من استثماراته 200مليون دولاراً , و هو ما يعادل نصف القيمة الكلية " لمينناو " تقريبا, و هو مستوى ملكية قد لا تبيحه القوانين الفيدرالية . فإذا كان مدير محافظ " نيمبل "  لايزال يرغب في حيازة أسهم  لشركات صغيرة فسوف يتحتم عليه إذن بعثرة اموال الصندوق على عدد كبير من الشركات ,وهو ما قد يؤدى لتشتيت انتباهه ايضا.
لا مزيد من الارتجال. تلجا بعض الشركات إلى عملية " احتضان لصناديقها قبل طرحها على العامة للتحقق من صحة مسارها .  (  وبالتالى يتمثل حملة الأسهم الوحيدون في الموظفين والاعضاء المنتسبين للصندوق نفسه )  , فمن خلال الابقاء على تلك الصناديق الصغيرة , تستطيع المنظمة الام استخدامها كمعمل تجارب للاستراتيجيات الخطرة والتى تعمل أفضل ما تعمل مع المقادير الصغيرة من المال كشراء أسهم  الشركات الصغيرة أو أسهم  الطرح المبدئى لشركات رابحة . فإن نجحت تلك الاستراتيجيات فبوسع الصندوق اغراء العامة واجتذابهم عن طريق الدعاية عن عائداته الخاصة . و في حالات اخرى لا يحتسب مدير الصندوق المصاريف الادارية كافة رافعا بذلك صافى العائد ليعود لاحقا فيضيفها بعد أن تكون العائدات المرتفعة قد اجتذبت جحافل من الزبائن . و لقد تدنت عائدات تلك الصناديق جميعا وبلا استثناء للمستوى المتوسط , بعد أن اجتذبت ملايين الدولارات اليها .
النفقات المتزايدة  يكلف تداول مقادير ضخمة من الأسهم في اغلب الاحيان اكتر مما يكلف تداول مقادير صغيرة منها , كما أنه في ظل وجود قلة البائعين والمشترين فمن الاصعب أن يجد الطرفان ما يبحثان عنه . وعندما ياتى أحد الصناديق براس مال يبلغ 100 مليون دولاراً , فقد تبلغ مدفوعاته على تلك الأصول 1% سنويا في شكل تكاليف تداول. اكما إذا ادت العوائد المرتفعة إلى زيادة رأس مال الصندوق ليبلغ عشرة مليارات دولاراً  فمن الممكن أن تكلفة عمليات التداول 2% على الاقل من تلك الأصول . وقد يعمد الصندوق لابقاء ما في حيازته من الأسهم لأحد عشر شهرا مما يعصف بعائداته بعد موازنتها بتكاليف التداول . كما يندر في الوقت نفسه أن تنخفض التكاليف الاخرى الخاصة بادارة الصندوق بل أنها قد ترتفع في بعض الاحيان بسبب تضخم الأصول . و في ظل نفقات تشغيل تقارب 1,5% مضافا اليها تكاليف تداول ومقايضة تبلغ 2% يصير لزاما على الصندوق التفوق على اداء السوق ب 3,5 نقطة سنويا , و لا لشىء سوى ليواكبه بعد حساب جميع التكاليف
سلوك القطيع واخيرا ما أن يحقق أحد الصناديق النجاح حتى يمتلك مديروه الخوف والنزعة للمحاكاة والتقليد . كلما زاد الصندوق نموا  زادت رسومه مما يفقد القائمين عليه الشجاعة والاقدام . فالمخاطر التى اقدموا عليها في البداية ليحققوا العوائد المرتفعة قد تتسبب الان في هروب المستثمرين وتعريض كل تلك الأرباح  للخطر . ولذا تشبه الصناديق الضخمة قطيعا من الحملان المتخمة , تتخبط في سيرها . أن صناديق النمو كافة تحوز أسهم  " سيسكو "  و  " جنرال اليكتريك " و  " مايكروسوفت " وفايزر "  و "  ول مارت "  وبنسب متساوية تقريبا .ولقد ذاع هذا السلوك حتى أن الدارسين يطلقون عليه سلوك القطيع .
ان سعى المديرين لحماية دخلهم الخاص الذي يحصلون عليه من الرسوم يقيد حرية حركتهم وقدرتهم على تحقيق عائدات فائقة من اجل مستثمريهم الخارجيين.
وبسبب التكاليف الضخمة والادارة السيئة تفشل اغلب الصناديق في الاستمرار . فلا عجب إذن من تدنى العوائد بمرور الزمن حيث يؤدى تضخم التكاليف أكثر فاكثر إلى تخلف الصندوق تلو الاخر عن الركب كما هو مبين في الشكل باعلاه ٥.


فما الذي يجب على المستثمر الذكى أن يفعله ؟
الشكل  ( 9-2 )  مسار اداء صناديق الاستثمار
اذا نظرنا إلى الخلف  ( من 31 ديسمبر 2002 )  فكم عدد صناديق الاستثمار التى فاق اداؤها اداء مؤشر فإن جارد 500 لصناديق الاستثمار ؟
فى عام واحد :
1186 من اصل 2423 صندوقا  ( او 48,9% )
فى ثلاث سنوات :
1157من اصل 1944صندوقا  ( او 59,5% )
فى خمس سنوات :
 768 من اصل 1494 صندوقا ( او 51,4% )
فى عشر سنوات :
227من اصل 728 ( او 31,2% )
فى خمسة عشر عاما :
125 من اصل 445  (  أو 28,1% )
فى عشرين عاما :
37 من اصل 248 ( او 14,9% )

المصدر : مؤسسة ليبر


اولا , عليه أن يعرف أن الصندوق القائم على مؤشر يحوز جميع أسهم  السوق طول الوقت دون أي تظاهر بالقدرة على انتقاء أفضل الأسهم وتجنب اسوئها ,وبالتاكيد سيفوق في ادائه على المدى الطويل اداء أي صندوق اخر في السوق. ( فإن k401 لم تكن شركتك توفر لك فرصة المشاركة في صندوق معاشات قائم على مؤشر ومنخفض التكلفة ,فعليك بجمع اقرانك في العمل ورفع التماس تطلبون فيه بتوفير تلك الفرصة  ) . اذ أن تدنى تكاليفه التشغيلية التى لا تتجاوز 2% سنويا مضافا اليها تكلفة تداول سنوية تبلغ 0,1% هو ما يعطى للاستثمار في مثل هذه الصناديق ميزة لا تضاهيها ميزة اخرى. فإن اتت الأسهم بعائدات سنوية تبلغ 7% -طوال العشرين عاما التالية لبدء استثمارك مثلا – فقد لا تقل عوائد صندوق استثمار قائم على المؤشلاات كصندوق فانجارد سوى القليل عن 6,7%  ( معنى هذا أن كل استثمار بمبلغ 10000دولاؤ سيعود على صاحبه ب 36000دولار أو أكثر  ) . أما صناديق الاستثمار التقليدية بنفقاتها التشغيلية البالغة 1,5%  وتكاليف تداولها القاسية التى تقدر ب 2% فستكون محظوظا أن حققت من خلالها عائدا يصل إلى 3,5% سنويا .  ( بمعنى أن كل 10000دولار سيعود على صاحبه باقل من 20000 أو اقل بخمسين بالمائة من العائد الذي كان ليجنيه من صندوق قائم على مؤشر  ) .
يتمثل العيب الوحيد للصناديق القائمة على المؤشرات في أنها تبعث على الضجر . فلن يكون بمقدورك الذهاب لحفل شواء أو التفاخر بحيازتك لافضل صناديق الاستثمار اداء في السوق . كما لن يكون بمقدورك ابدا التباهى بانك تفوقت في السوق اذ أن وظيفة مثل هذه الصناديق هى مواكبة عوائد السوق وليس تجاوزها . فما بوسع مدير الصندوق الذي استثمرت به مالك أن يلقى بالنرد محذرا أن الصناعة الرابحة غدا هى المواصلات السلكية أو مواقع الويب أو عيادات افقاد الوزن , وبالتالى سيظل في حوزة الصندوق جميع أسهم  السوق على تنوعها دون عمل حساب لمثل تلك التوقعات الجزافية . و لكن وبمرور الوقت سوف تتزايد ميزة التكلفة التى تتمتع بها الصناديق القائمة على المؤشرات لذلم إذا ابقيت أسهم  هذه الصناديق في حوزتك لعشرين عاما واضفت المال إلى استثماراتك فيها الشهر تلو الاخر فكن على يقين من أنك ستتفوق على كوكبة المحترفين وافراد المستثمرين على حد سواء و لقد اثنى  " جرهام " في خاتمة حياته على هذه الصناديق مشيرا اليها كافضل خيار أمام المستثمر الفرد , وكذلك فعل " وايت بافيت  "  .

قلب الموائد
عندما تدرك كم العوائق التى تواجه هذا النوع من الصناديق لن تتعجب من أن قلة منها فقط هى التى تتفوق في الاداء على المؤشر , بل سيثير عجبك كيف لاى منها


فعل ذلك . ولايزال البعض منها يتفوق على المؤشرات حتى الان فما القواسم المشتركة بين هذه الصناديق ؟
مديروها هم اكبر حملة اسهمها . حيث تخف حدة تعارض المصالح بين ما يصب في مصلحة مديرى الصناديق و ما يصب في مصلحة حملة اسهمها عندما يمتلك المديرون اغلبية أسهم  الصندوق . ولهذا فإن بعض الشركات مثل شركة " لونجلييف بارتنرز "  , تمنع موظفيها من حيازة ايه اوراق مالية سوى الاوراق المالية الخاصة بشركتهم . ففى لونجلييف وغيرها من الشركات " كديفيز واف بى ايه " , ويحوز المديرون الكثير من أسهم  صناديقهم , لذلك تراهم حريصين في ادارتهم لاموالك كما لو كانت اموالهم , حيث يبذلون قصارى جهدهم للحيلولة دون زيادة الرسوم أو دفعك لضرائب مرتفعة وهم في ذلك انما يبغون دفع الصندوق إلى الامام نحو تبوؤ مكانة مرموقة . ولسوف تجد بيان تفويض وبيانا يحتوى على معلومات اضافية استقينا كليهما من هيئة الاسواق والاوراق المالية ونشرا على قاعدة بيانات موقع edgar التالية : www.see,gov,حيث ستجد بيانا شافيا عما إذا كان أي من هؤلاء المديرين يحوز 1% على الاقل من أسهم  هذه الصناديق ام لا .
رخص ثمنها من الاساطير الشائعة في عالم صناديق الاستثمار أن ما تحصل عليه يوازى قيمة ما تدفعه بمعنى أن أفضل العائدات تاتى لقاء اعلى رسوم تداول . لكن هناك ثغرتين في هذه المقولة . اولاهما , أنها غير صحيحة فلقد ثبت عبر عقود من الدراسة والبحث أن الصناديق التى فرضت رسوما كبيرة هى ادنى الصناديق عوائد . وثانيتهما أن العوائد الضخمة تكون مؤقتة أما الرسوم الباهظة فدائمة . فإن استثمرت في أحد تلك الصناديق لعائداته المرتفعة المغرية فقد ينتهى بك المال خالى الوفاض إلا من عبء تكاليف الحيازة .
تعمل بطرق مختلفة عندما كان  " بيتر لينش "  يدير  " فيديليتى ماجيللان "  , كان يبتاع الأسهم الرخيصة ما استطاع إلى ذلك سبيلا , بغض النظر عما يقبل مدراء الصناديق الاخرى على حيازته. و لقد تمثل اكبر استثمار له في عام 1982 في اذون الخزانة ,تلا ذلك مباشرة تحوله إلى " كرايسلر "  حتى حين ساد بين الخبراء توقعات بافلاس صناعة السيارات ثم في عام 1986وضع  " لينش "  ما يقرب من خمس رأس مال " فيديليتى ماجيللان "  في الأسهم الاجنبية كهوندا ونورسك وهيدرو وفولفو . ولذلك نزكى لك قبل اقدامك على ابتياع أسهم  امريكية أن تقارن ما بين الأسهم المدرجة في اخر التقارير الصادرة و بين الأسهم المدرجة في مؤشر اس اند بى 500 فإن بديا لك متشابهين فاعمد لغيرهما .
انهم يغلقون الباب أفضل تلك الصناديق  هى التى توصد الباب أمام مستثمرين اضافيين و لا تسمح سوى لحملة اسهمها الحاليين باقتناء المزيد من اسهمها . فذلك ما يوقف سيل المشترين الجدد والراغبين في حصد الثمار الجاهزة كما يقى الصندوق الام تضخم الأصول . ثم هو ايضا علامة على أن القائمين على الصندوق لن يقدموا مصالحهم الشخصية على مصلحتك . لكن الواجب هو الاقدام على هذا الاجراء قبل –وليس بعد- زيادة حجم الصندوق .
ومثال ذلك شركات مثل لونجلييف ونيوميريك واووكمارك وتى روى برايس , فانجارد ووازاتش .
الاحجام عن الدعاية والاعلان " أن أفضل الحكام " كما قال افلاطون في جمهوريته, " هم الذين يزهدون في الحكم " , وكذلك الحال بالنسبة للمديرين , فافضلهم من بدا وكانه زاهد في مالك . وفلا يتكرر ظهورهم على شاشات المحطات المتخصصة في المال , و لا يعلنون كيف انهم في الكليعة . فهاهو صندوق مايرز اند باور جروث رغم رسوخ اقدامه لم يمتلك موقعا على الانترنت حتى عام 2001 ولايزال تداول اسهمه مقتصرا على 24 ولاية فقط. كما لم يعلن صندوق " توراى " ابدا عن نفسه منذ انطلاقه عام 1990فى سماء الاستثمار .
ما الذي يجب عليك ايضا أن تنتبه له؟ أن اغلب من يستثمر في تلك الصناديق يعمد اولا إلى سجلات الاداء السابق ثم إلى سمعة المدير ثم إلى مدى المخاطرة التى يتحملها الصندوق بينما لا يلتفت قط إلى نفقات الصندوق إلا في نهاية الامر هذا أن حدث وانتبه لذلك .
اما المستثمر الذكى فلا يختلف عن اولئك فيما يبحث عنه و إنما يبدا بما انتهوا هم به.
وحيث أن نفقات الصندوق من السهل التنبؤ بها عن التنبؤ بالمخاطر أو العوائد المستقبلية , فعليك أن تجعل منها أو معايير التنقيح التى تعتمد عليها . فليس ثمة سبب مقنع لسداد نفقات تشغيلية سنوية تزيد على تلك التالية بالطبع بحسب فئة الصندوق :
سندات البلدية والسندات الخاضعة للضريبة  ( 0,75% )
الاسهم  الأمريكية   " أسهم  الشركات كبيرة الحجم ومتوسطة "  ( 1,0% )
السندات ذات العائد المرتفع  ( 1,0% )
اسهم امريكية  " لشركات صغيرة الحجم "  ( 1,25% )
اسهم اجنبية  ( 1,50% )
ثانيا قم بتقييم المخاطرة . ينبغى على كل صندوق أن يوضح فيما يصدره من نشرات صورة لاسوا الخسائر التى قد يتعرض لها خلال فترة ربع سنوية . فإن لم تكن قادراً على احتمال خسارة ما في فترة صغيرة كهذه فغادر . كما يجدر بك معرفة تصنيف صناديق الاستثمار حيث تصنيفها  (  بعدد من النجوم  )  بناء على مقدار المخاطرة التى خاضتها لقاء جنى عوائدها  ( تزمر النجمة المفردة لاسوا تقييم  أما النجوم الخمس فلافضل تقييم  ) .

لكن هذه النجوم – مثلها في ذلك مثل سجلات الاداء السابق – انما تعطى تقديرات على اداء سالف , اذ تخبرك بأى الصناديق كان أفضل من اقرانه , و لا تخبرك أي الصناديق سيتفوق عليهم مستقبلا . و في حقيقة الامر فإن الصناديق الخمس نجوم عادة ما يتدهور مستوى ادائها فيما بعد عن الصناديق التى نالت نجمة واحدة . ولذلك نوصيك بالبحث عن صندوق منخفض التكلفة , يمثل مديروه اكبر المستثمرين فيه , ولديهم الجراة لان يكونوا غير تقليديين و لا يتحكم فيهم الخوف من فقدان العوائد واظهروا زهدا في الحصول على الاموال الاضافية قبل أن تصل شركتهم إلى مصاف العمالقة . و بعد ذلك وليس قبل ذلك قط , انظر لتقييم مورنينج ستار .
واخيرا تحقق من الاداء الماضى ولتتذكر أنه اداة واهنة للتنبؤ بالمستقبل . فكما رايت بعينك يضحى رابحو الامس خاسرى الغد و لكن يظل الباحثون على يقين من شىء واحد و هو أن خاسرى اليوم لن يتحولوا قط إلى رابحى الغد . فتجنب الصناديق التى طلت تحقق عائدات متدنية في الماضى خاصة إذا تجاوزت تفقاتها المتوسط السنوى السائد .

العالم الضيق
لصناديق رأس المال المغلق
اخدت أسهم  هذه الصناديق في التراجع رغم الرواج الذي حققته في الثمانينات . واليوم لم يعد هناك سوى 30 فقط من صناديق التنويع الاهلية اغلبيتها من الصناديق صغيرة الحجم , و لا تتجاوز معاملاتها السهمية بضع مئات كل يوم . مع إرتفاع تكاليفها وغرابة اساليبها  (  مثل مورجان فنشيرز , والتى تخصصت في أسهم  صناعات ما يطلق عليه  " تشكيل العادات " كالمشروبات والملاهى الليلية والسجائر  ) . وتؤكد الدراسة التى اجراها الخبير " دونالد كاسيدى " , والمختص في دراسات صناديق رأس المال المغلق من مؤسسة ليبر , ملاحظات  " جراهام " سالفة الذكر التى اشار فيها إلى قوله : " أن صناديق أسهم  رأس المال المغلق المنوعة التى يتم تداولها بخصم لن تتفوق على تلك التى تحتسب زيادة على اصولها وحسب بل وستتخطى في عوائدها تلك التى تحققها صناديق رأس المال المفتوح . و لكن المحزن هو عدم توافر أسهم  صناديق أسهم  رأس المال المغلق المنوعة بخصم , في سوق غامض الملامح اخد في التقلص  "  .
ومع ذلك هناك مئات من صناديق رأس المال المغلق والتى تتعامل في السندات خاصة في ظل وجود خيارات جيدة للغاية فيما يتعلق بسندات البلدية . اذ عندما تجرى هذه الصناديق معاملاتها بخصم , تتضخم عوائدها وتضحى جذابة طالما تدنت نفقاتها السنوية عن المستوى الذي اوردناه بعاليه .

ان السلالة الجدية من الصناديق القائمة على المؤشرات والتى يتم تداول اسهمها في البورضة تستحق الاهتمام والدراسة . اذ تمثل تلك الصناديق متدنية التكلفة احيانا سبيل المستثمر الاوحد للنفاذ إلى قطاع صعب كالشركات المتمركزة في بلجيكا أو أسهم  صناعة اشباه المواصلات. هذا بينما تتيح الصناديق الاخرى من نفس الفئة خيارات سوقية اوسع . و في جميع الاحوال لن تتناسب هذه الصناديق المستثمرين الذين ياملون في جنى المال بانتظام اذ أن اغلب السماسرة سيتقاضون عمولات منفصلة على كل استثمار تقوم به .
حدد متى تخرج من اللعبة
كيف لك بعد حيازتك لاسهم صندوق ما أن تحدد موعد بيعها المناسب ؟ النصيحة المتبعة هى التخلص من الصندوق عندما يتدنى اداؤه عن مستوى اداء السوق  (  ويتدنى مستوى ادائه عن محافظ استثمارية مماثلة  )  و لكن هل ستفعل ذلك بعد سنة ام سنتين ؟ ام ثلاث سنوات متتالية ؟ لذا نرى تلك النصيحة لامعنى لها . فلقد تدنى اداء صندوق سيكويا منذ تاسيسه في عام 1970 وحتى عام 1999 عن مؤشر اس اند بى تسع مرات خلال هذه الاعوام التسعة والعشرين أو اقل بنسبة تتجاوز 41% من عمرها بالسوق . ولكنك أن نظرت إلى الاجمالى لوجدت هذه الشركة قد ربحت ما نسبته 12500% من استثماراتها في تلك الفترة , في مقابل 4900% فقط لهذا المؤشر ١٤.
ان اداء اغلب صناديق الاستثمار يتذبذب ببساطة بتذبذت الطلب على الأسهم الممتازة التى بحوزتها من أن لاخر . فإن استقدمت مديرا ليدير الاستثمارات في الصندوق باسلوبمعين فلم تقدم على طرده لقيامه بما وعد به ؟ فانت عندما تقدم على بيع اسهمك عندما يفقد نوع الاستثمار الذي اخترته شعبيته فانك هكذا لا تحكم على نفسك بالخسارة فقط بل وتحرك نفسك قسرا من كل صور التعويض اللاحقة . وها هى احدى الدراسات تبين كيف تسبب المستثمرون في صناديق الاستثمار المشتركة في تدهور اداء صناديقهم ب 4,7 نقطة سنويا طوال الفترة من 1998 وحتى 2001 لاشىء سوى بيع اسهمهم باثمان بخسة بعد أن ابتاعوها باثمان باهظة .


لم نعشق التفاؤل ؟
يغمرنا الاعتقاد بقدرتنا على انتقاء أفضل الصناديق بالارتياح . اذ يمنحنا ذلك احساسا مبهجا بانا متحكمون في استثمارنا . و هذا الشعور بالهيمنة على الامور يعد جزءا من الطبيعة الانسانية ويسميه علماء النفس بالثقة المفرطة في النفس . و إليك فيما يلى صورا لهذه الثقة المفرطة :
فى عام 1999 طرحت مجلة 'money "  سؤالا على خمسمائة فرد عم أن كانت عوائد محافظهم الاستثمارية قد فاقت عوائد السوق ام لا . كان جواب واحد من كل اربعة هو نعم . وعندما طلبت منهم تحديد عوائدهم , وجدوا أن النتائج التى حققها 80% من هؤلاء كانت ادنى من معدلات السوق  ( و لم يكن عند 4% ايه فكرة عن الكيفية التى تكونت بها مخافظهم الاستثمارية من الاساس , ولكنهم  واثقين من أنها تفوقت على السوق في ادائها والسلام  )
طلبت دراسة سويدية من السائقين الذين تعرضوا لحوادث سيارات سيئة أن يصنفوا مهارتهم القيادية . فعزوا –بمن فيهم بعض رجال الشرطة- الحادث لاناس اخرين , في حين اصر الاسوء حالة منهم – والذين شاركوا في الدراسة من فوق اسرتهم في المستشفيات – على أن مهاراتهم اعلى  من المتوسط .
وفى استفتاء اجرته كل من قناة سى أن ان ومجلة times اواخر عام 2000 سئل أكثر من 1000 شخص ممن يتوقع مشاركتهم في الانتخابات عم  إذا كانوا يعتقدون بانهم ضمن شريحة ال1% ذات الدخل الاعلى ام لا . فاكد 19% منهم انهم من اثرى اثرياء امريكا .
فى اواخر عام 1997 وجد استبيان للرأى شمل 750 مستثمرا أن 74% منهم يعتقد " بتخطى اداء حيازة صناديق الاستثمار مؤشر اس اند بى 500 كل عام باستمرار " رغم أن اغلب تلك الصناديق تفشل في التفوق على اداء هذا المؤشر في الاجل الطويل , بل ويفشل العديد منها في تحقيق ذلك ولو مرة واحدة ١.
وفيما يبدو هذا النوع من التفاؤل علامة طبيعية على الصحة النفسية للمستثمر , لا يبدو سياسة جيدة للاستثمار . فمن المنطقى أن تؤمن بقدرتك على التنبؤ بشىء ما أن كان بالفعل يمكن التنبؤ . و لكن أن لم تكن واقعيا بما يكفى فسينتهى بك الامر إلى فقدان الثقة بالنفس .
1 انظر مقال " جاسون زفايج "   " did you best the market? "  مجلة  " money "  عدد يناير 2000 الصفحات 55-58. كذلك استفتاء سى أن ان وتايم رقم 15 واجرى في 15 اكتوبر 2000السؤال 29.
فمتى يتوجب عليك البيع إذن ؟ والجواب ياتيك على شكل مجموعة من الاشارات التحذيرية :
عند حدوث تغير حاد وغير متوقع في استراتيجية الاستثمار . كما حدث وتكالبت صناديق الاستثمار على أسهم  شركات التقنية في عام 1999 , أو حين تدافعت صناديق القيمة المتزايدة لشراء مئات من أسهم  شركات التامين في عام 2002.
عند تفاقم النفقات . و هو ما قد يرمز لتقديم مديرى الصندوق مصلحة محافظهم الاستثمارية على حافظتك
عند فرض ضرائب ضخمة ومتتابعة بسبب التداول الزائد على الحد.
عند حدوث نتائج فجائية خاطئة , سواء على شكل تكبد أحد الصناديق المحافظة خسارة فادحة  (  أو حتى تحقيقه لارباح جمة  ) .
وكما يعتقد مستشار الاستثمار تشارلز اليس " إذا لم تكن تستطيع الاستمرار في الزواج لم يكن حرى بك الزواج من البداية  "  . و لا يختلف الاستثمار في صناديق الاستثمار عن ذلك . فإذا لم تكن مستعدا للاستمرار في صندوق استثمار لثلاث سنوات على الاقل , فما كان عليك ابتياع اسهمه من البداية . فالصبر هم كلمة السر للمستثمر في صناديق الاستثمار .


الفصل 10
المستثمر ومستشاروه

من بين سائر المعاملات المالية يتفرد الاستثمار في الاوراق المالية بأنه يجرى غالبا في ضوء نصيحة الاخرين . فاغلب المستثمرين هواة يشعرون بامكان تحقيق الربح من خلال الاسترشاد بالمحترفين في انتقاء اوراقهم المالية و لكن هناك خصائص معينة متاصلة في مفهوم الاستشارة الاستثمارية .
فان كان السبب وراء الاستثمار هو جنى المال , فمعنى طلب المشورة هنا هو طلب معرفة كيفية جنى هذا المال وتلك فكرة سذاجة . فقد يطلب رجال الاعمال المشورة من شئون اعمالهم لكنهم لن ينتظروا من يخبرهم بكيفية جنى المال . فهذا عملهم هم . أما أن اتكلوا – هم أو غيرهم ممن كانوا خارج دائرة رجال الاعمال – على من يستثمر نيابة عنهم ليحقق لهم الأرباح  فهم عندئذ يطلبون المستحيل .
فلو افترضنا أن هناك مستويات عادية أو قياسية من الدخل المتحقق من عملية الاستثمار في الاوراق المالية فهاهنا يمكن أن يكون للمستشار دور . حيث يوظف هذا المستشار خبرته ومعرفته الفائقتين لكى يعصم عملاءه من الزلل و في التيقن من تحقيقهم للنتائج التى يسعون للوصول اليها من وراء استثماراتهم . أما عندما يطلب المستثمر تحقيق عائد فوق العادة أو عندما يتعهد المستشار بالقيام ما يفوق قدراته من اجل خدمة المستثمر  عندئذ تثار التساؤلات حول ما إذا كان المطلوب قدر المستطاع ام لا و ما إذا كانت الوعود التى تم قطعها يمكن الوفاء بها ام لا ؟
تتنوع مصادر المشورة في مجال الاستثمار منها : 1 )  اقرباء المرء واصدقاؤه ممن يفترض فيهم العلم بالاوراق المالية , 2 )  أحد المصرفيين  ( التجاريين  ) , 3 )  أحد مكاتب السمسرة أو أحد بيوت الاستثمار المصرفى , 4 )  خدمة مالية أو احدى المطبوعات الدورية , 5 )  المستشارون الماليون . أن مثل هذا الخليط المتنوع يشير إلى عدم بلورة أي اسلوب منطقى أو منظم حيال هذا الامر داخل عقول المستثمرين حتى الان .
مما لاشك فيه أن هناك اعتبارات معينة تقتضيها الفطرة السليمة تتعلق بمعيار النتائج العادية والقياسية المذكورة اعلاه. وتتمثل فرضيتها الاساسية في هذا فيما يلى : إذا كان المستثمر سيعول كليا على نصائح الاخرين في ادارته لاستثماراته فعليه إذن أما أن يقصر نفسه ومستشاريه على صور متحفظة تقليدية بل وواقعية من الاستثمار أو ينبغى عليه أن يكون على صلة وثيقة ودراية تامة بالشخص الذي ستولى استثمار

امواله في قنوات اخرى . فإذا كانت هناك علاقة تجارية أو مهنية قائمة بين المستثمر ومستشاريه عندئذ يمكنه تلقى اقتراحات غير تقليدية إلى حد ما و لكن بالقدر الذي تسمح به معرفته وخبرته التى تؤهله لاصدار احكامه الشخصية المستقلة بناء على نصائح الاخرين وتوصياتهم حيث يخرج عندئذ من فئة المستثمر المتحفظ أو غير الجرىء إلى مرحلة المستثمر المغامر أو الجرىء.



الاستشارات الاستثمارية وخدمات الائتمان المصرفية
ان الجهات الاستشارية المحترفة الحقيقية –اى شركات الاستشارات الاستثمارية التى لها مكانتها والتى تفرض رسوما على خدماتها – متواضعة فيما تعد به وتطمح اليه من نتائج . حيث تضع استثمارات عملائها اغلب الوقت في الاوراق المالية ذات الفائدة القياسية التى تدر توزيعات ويعتمدون على خبرتهم الاستثمارية العادية فيما يحققونه من نتائج إجمالية . و في الحالات التقليدية فانه من المشكوك فيه ما إذا كان يتم استثمار أكثر من 10% من إجمالي الاموال في اوراق مالية بخلاف تلك الخاصة بالشركات الرائدة اضافة إلى السندات الحكومية  ( سندات الولاية وسندات البلدية  ) , أو حتى بذل مجهود حقيقى لاستغلال التقلبات السوقية .
ان شركات الاستشارات الاستثمارية لا تكيل المديح والثناء لنفسها , و إنما تفخر بتوخيها الحذر والحيطة واتباعها للنهج المحافظ وتميزها بالكفاءة . ويتمثل هدفهم الاساسى في الحفاظ على القيمة الاساسية لاستثمارات عملائهم على مدى السنوات , اضافة لتحقيق معدل مقبول من الدخل الزائد على تلك القيمة . واى أرباح تتجاوز ذلك –علما بانهم يبذلون قصارى جهدهم للوصول إلى تلك الغاية – انما يعتبرونها خدمات اضافية قدموها لعملائهم . وربما تتمثل قيمتهم الجوهرية في عصمتهم لعملائهم من الزلل وارتكاب اخطاء فادحة . انهم يقدمون الخدمة التى يتوقعها منهم المستثمر المتحفظ .
وينطبق ما قلناه على شركات الاستشارات الاستثمارية المحترفة التى تحظى بالاحترام على الخدمات الاستشارية والائتمانية التى تقدمها المصارف الكبرى بصفة عامة .
الخدمات المالية :
يطلق هذا الاسم على المؤسسات التى ترسل نشرات موحدة  ( تاخذ في بعض الاحيان صورة البرقيات  ) للمشتركين في خدماتها . أما المادة التى تحتوى عليها تلك النشرات فقد تتضمن حالة النشاط الاستثمارى والتوقعات الخاصة به , كما تتضمن تقارير عن الحالة الراهنة والمتوقعة لاسواق الاوراق المالية , وكذلك معلومات ونصائح تخص اوراقا مالية بعينها . ويوجد بداخل هذه الشركات في اغلب الاحيان " اقسام للاستعلام " تجيب عن الاسئلة الخاصة بافراد المشتركين في خدماتها . وتقل كلفة هذه الخدمات

بكثير عن تكلفة مستشارى الاستثمار لقاء ما يقدمونه من خدمات لعملائهم . وتجرى بعض المؤسسات _وبخاصة مؤسستا بابسون وستاندرد اند بورز_ معاملات مستقلة تتمثل في الخدمات المالية والاستشارات الاستثمارية .  (  و من قبيل المصادفة أن مؤسسات اخرى كمؤسسة سكادر ومؤسسة ستيفنسون اند كلارك تؤدى خدمات الاستشارات الاستثمارية , و في الوقت نفسه تقوم تقوم بدور واحد أو أكثر من صناديق الاستثمار  ) .
ان مؤسسات الخدمات المالية _بصفة عامة _ تستهدف قطاعا مختلفا من العامة عمن تستهدفهم شركات الاستشارات الاستثمارية . فعملاء هذا النوع الاخير من الشركات يرغبون عادة في التخلص من الازعاج وعناء اتخاذ القرارات . أما الخدمات المالية فتمد اولئك الذين يسيرون امورهم المالية بانفسهم , أو يقدمون هم انفسهم النصيحة لغيرهم , بالمعلومات والارشاد . وهكذا تقصر مؤسسات الخدمات المالية هذه _ كلية أو في الاغلب الاعم _ خدماتها على التنبؤ بتقلبات السوق من خلال اساليب " فنية " شتى . ولهذا سوف نستبعد تلك الشركات , حيث أن نشاطها لا يخص " المستثمرين " بالمعنى المقصود في هذا الكتاب .
من ناحية اخرى , هناك بعض من أفضل الجهات , كمؤسسة مودى واس اند بى للخدمات الاستثمارية , والتى تقوم بتجميع قدر هائل من البيانات الاحصائية التى تشكل اساسا لجميع التحليلات المالية الجادة . ولهذه الجهات شرائح منوعة من العملاء , تختلف ما بين اشد المستثمرين تحفظا و بين أكثر المضاربين مجازفة . لذلك تجد تلك الجهات صعوبة بالغة في الالتزام بفلسفة واضحة أو اساسية في صياغة ارائها وتوصياتها .
ان مؤسسات الخدمات العريقة من نوع مؤسسة " مودى "  وغيرها من المؤسسات الاخرى تقدم شيئا ذا قيمة لقطاع عريض من المستثمرين , و لكن ما ذلك الشىء ؟ بادئ ذى بدء , تكرس هذه الجهة جهودها للامور التى تهم الفئة الغالبة من المستثمرين والمضاربين النشطين العاديين لهذا تمثل رؤاها لتلك الامور أما نوعا من السطوة أو تتمتع على الاقل بمصداقية اكبر , مما لايتوافر لغيرهم من المستثمرين الذين يفتقرون إلى مثل هذا العون.
لقد ظلت مؤسسات الخدمات المالية تقدم تنبؤاتها الخاصة بسوق الأسهم دون أن ياخذها أحد انشطتها على محمل الجد . وتكون تلك المؤسسات محقة فيما تبديه من اراء احيانا ومخطئة في احيان اخرى مثلها في ذلك مثل أي جهة اخرى عاملة في هذا المجال . كما تعمد لحماية ما تطرحه من اراء ما استطاعت إلى ذلك سبيلا مخافة ثبوت مجافاة ارائها للحقيقة تماما .  (  وهناك طرق متطورة للغاية من الصياغة تجعل كلامها متفقا ومجريات المستقبل ايا كانت  ) . و في راينا – وقد يكون ذلك بمثابة نوع من التحيز – فإن هذا الجانب من عمل تلك المؤسسات ليس له اهمية فيما عدا ما تلقيه من ضوء على الطبيعة الانسانية , وسلوكها في سوق المال . و مما لاشك فيه أن كل المهتمين بالاسهم العادية تقريبا يود أن يخبره شخص ما بمستقبل السوق . وطالما وجدت هذه الرغبة , فستوجد الجهات التى تلبيها .
ان تفسيرات هذه الجهات وتنبؤاتها تتمتع بقدر كبير من المصداقية , حيث تشكل قطعا جزءا من المعلومات الاقتصادية  التى تنتشر بين بائعى الاوراق المالية ومشتريها , وتسعى لتوفير مستويات معقولة لاسعار الأسهم والسندات على اختلاف الظروف . و مما لاشك فيه أن المادة التى تنشرها مؤسسات الخدمات المالية تضيف لمخزون المعلومات المعلومات المتوافر لدى العملاء , وتثرى قراراتهم الاستثمارية .
من العسير تقييم التوصيات التى تقدمها تلك الشركات بشان ورقة مالية فردية . حيث يجب تقييم كل مؤسسة منها على حدة , كما ينبغى الحكم عليها بناء على دراسة شاملة مفصلة تغطى عدة سنوات . وانطلاقا من خبرتنا الشخصية لاحظنا أن هناك اتجاها سائدا بين تلك الشركات نعتقد أنه يؤدى إلى ضياع مجهودات تلك الشركات هباء . ويمثل هذا الموقف في رأيهم بأنه ينبغى بصفة عامة شراء السهم إذا كانت هناك احتمالات ايجابية تشير إلى امكانية تحقيق النشاط لنتائج طيبة على المدى القريب وبيعه إذا كانت الاحتمالات سلبية بغض النظر عن السعر الحالى للسهم . بالطبع يحول مثل هذه الحكم السطحى دون قيام تلك الشركات بالتحليلات الصحيحة – التى في وسع العاملين بها اداؤها – والمتمثلة في التيقن مما إذا كان سهم ما قد تم التقليل من سعره الحالى أو المبالغة في تقديره على ضوء قوة ارباحه المستقبلية طويلة الاجل المتوقعة .
اما المستثمر الذكى , فلن يعول على توصية هذه الشركات وحدها فيما يقوم به من عمليات بيع أو شراء . و ما أن يتم توضيح هذه النقطة حتى يصبح دور تلك المؤسسات مقصورا على تقديم المعلومات والاقتراحات فحسب .

استشارات شركات السمسرة :
ربما يكون مصدر جانب كبير من المعلومات والاستشارات التى يتلقاها مالكو الأسهم من العامة هو شركات السمسرة . سواء كانت من الشركات ذات العضوية في بورصة نيويورك للاسهم أو غيرها من البورصات , والتى تجرى معاملات بيع وشراء الأسهم لقاء عمولة محددة . وتحتفظ شركات السمسرة التى تتعامل مع العامة كافة بقسم " احصائى "  أو تحليلى يتولى مهمة الرد على تساؤلات الناس وامدادهم بالمشورة.
ان جانبا كبيرا من التحليلات –التى يكون بعض منها دقيقا ومكلفا – يقدم بلا مقابل للزبائن  ( او بالاحرى للعملاء ) .
والفارق كبير بين كلمتى  " زبون " و  " عميل " , فالانشطة التجارية لها زبائن أما الشخص المحترف أو المؤسسات فلها عملاء. ورغم أن مجتمع السمسرة في –وول ستريت- قد يمثل النشاط الارفع اخلاقا مقارنة باى مجال عمل اخر إلا أنه لم يزل يتحسس سبيله إلى معايير وصور الاحتراف الحقة .

لقد كان ازدهار وول ستريت يعتمد فيما مضى على المضاربة , وكان في حكم المؤكد أن المضاربين في سوق الأسهم سوف يخسرون اموالهم . وكان من المنطقى أن يؤدى ذلك إلى جعل شركات السمسرة تمارس نشاطها باسلوب احترافى يتسم بالدقة و في هذه الحالة كان يتحتم على تلك الشركات تقليص حجم نشاطها وليس توسيع نطاقه.
ولقد كان جل ما ذهبت اليه بعض شركات السمسرة في هذا الصدد –وهذا ما كان متوقعا منها – هو الامتناع عن اغواء الافراد أو تشجيعهم على المضاربة .
فقصرت تلك الشركات عملها على تنفيذ الطلبات التى تتلقاها مثل توفير المعلومات والتحليلات المالية , وطرح الاراء الخاصة بالمزايا الاستثمارية للاوراق المالية فحسب . وهكذا – من الناحية النظرية على اقل تقدير – قد اخلوا بمسئوليتهم عن أي ربح أو خسارة يتعرض لها عملاؤهم المضاربون .
ولا تزال اغلب شركات السمسرة تتمسك بالشعارات القديمة , وهى أن سبب وجودها هو جنى العمولات و إن السبيل الوحيد لاحراز النجاح في العمل هو منح العملاء ما يريدون .وبما أن اغلب الرابحين من العملاء يبغون نصائح واقتراحات تتعلق بالمضاربة , اصبح فكر هذه الشركات وانشطتها موجها نحو عمليات التداول اليومية التى يشهدها السوق . فتراها تسعى جاهدة في مساعدة عملائها لجنى المال في مجال حكمت القوانين الرياضية على ما يخوضه بالفشل في النهاية .
معنى ذلك أن انشطتهم الخاصة بالمضاربة لن تعود بالربح على عملائهم على المدى البعيد . ونظرا لتشابه تعاملاتهم إلى حد ما بالاستثمار فانهم قد يجنون بعض الأرباح  الاستثمارية التى تعوض الخسائر التى تحققت من جزاء المضارية .
ويحصل المستثمر على النصائح والمعلومات من شركات السمسرة في الأسهم , من خلال فئتين من الموظفين , تعرف اولاهما باسم " سماسرة العملاء "  ( او مديرو الحساب  )  , وثانيتهما تعرف بالمحللين الماليين .
كما يطلق ايضا على الفئة الاولى السابق ذكرها  ( المندوبين المعتمدين أو المسجلون  )  , و هو اسم أكثر احتراما عن الاسم الذي نعتوا به سابقا و هو  ( خدمة العملاء  ) . أما اليوم فقد اصبح افراد هذه الفئة يتمتعون بشخصيات جيدة ومعرفة عميقة بالاوراق المالية , وتحكمهم مدونة سلوك صارمة . إلا انهم – ورغم أن هدفهم هو في الاساس جنى العمولات – يشق عليهم التخلى عن عقلية المضارب . ولذلك ينبغى على من يبتاع الاوراق الماية ويرغب في تجنب تأثير اغراءات المضاربة , أن يتوخى الحذر
ويكون واضحا في تعاملاته مع سماسرة العملاء . و إن يظهر قولا وفعلا أنه ليس مهتما البتة باى شىء يشبه الحصول على أي " معلومة سرية مفيدة " عن سوق الأسهم . وفور ادراك سمسار العملاء بأنبين يديه مستثمرا حقيقيا سوف يحترم وجهة نظره ويتعاون معه من هذا المنطلق .
اما المحلل امالى  (  و الذي عرف فيما سبق بمحلل الاوراق المالية )  , فهو شخص يتمتع باهتمام بالغ من المؤلف الذي مارس نفس هذا العمل لاكثر من خمسة عقوم أسهم  خلالها بنقل معرفته إلى عدد لا يحصى من المحللين . ونحن نشير في هذا المقام إلى محلل الاوراق المالية الذي يعمل لدى شركات السمسرة . وهى وظيفة يتضح مغزاها من اسمها . فمن يمارس هذه الوظيفة ينصب عمله على دراسة الاوراق المالية الفردية , وعمل مقارنات دقيقة بين الإصدارات المختلفة في نفس المجال ليكون بعدها رايا خبيرا فيما يتعلق بمدى أمان أو جاذبية أو القيمة الاساسية لشتى أنواع الأسهم والسندات .
والعجيب هنا أنه لا توجد ايه شروط رسمية لكى يصبح المرء محللا للاوراق المالية , هذا في الوقت الذي يتحتم فيه على " سمسار العميل " اجتياز اختبار خاص , واستيفاؤ المؤهلات الشخصية  وقبوله وتسجيله في بورصة نيويورك . من الناحية العملية نال جميع المحللين الصغار تقريبا قدرا من التدريب في مجال للاعمال , فيما نال الكبار منهم ما يعادل تلك الدراسة من خبرة عملية . و في معظم الحالات, يمكن الاعتماد على شركة السمسرة في تقييمها لمدى كفاءة وجدارة محلليها  .
ولعميل شركات السمسرة أن يتعامل مباشرة مع محلل الاوراق المالية , أو قد تجرى تلك المعاملة بصورة غير مباشرة من خلال  " سمسار العميل  " . و في كلتا الحالتين , سينال العميل القدر الكافى من المعلومات والمشورة من هذا المحلل. ودعونا نؤكد شيئا واحدا هنا  و هو أن مقدار ما يشكله محلل الاوراق المالية للمستثمر من قيمة انما يتوقف على اتجاه المستثمر في الاساس . فإن طرح هذا الاخير السؤال الملائم على المحلل , فعلى الارجح أنه سوف يحصل على الاجابة المناسبة – أو على الاقل اجاية قيمة .واننا على قناعة من أن المحلل الذي تعينه شركة السمسرة , يعانى قيود جمة من النظر اليه كمحلل للسوق ايضا. اذ عندما يطرح عليهم سؤالا عم إذا كان أحد الأسهم العادية جيدا , فإن هذا السؤال يعنى ضمنيا عم إذا كان هذا السهم سوف تزيد قيمته خلال الاشهر القليلة القادمة ام لا ؟
مما يجبر العديد منهم على القيام بهذا التحليل واضعين في اعتبارهم سعر السهم اليوم , و ما هذا بالتفكير الصائب الذي يوصل لخلاصة يعول عليها أو يوثر بها .
فى القسم الثانى من هذا الكتاب , سنتعرض لبعض المفاهيم الخاصة بتحليل الاوراق المالية وبعض الانجازات التى تمت في هذا الصدد. فبامكان الكثير من هؤلاء المحللين أن يقدموا مساعدات قيمة للغاية للمستثمر الحقيقى الذي يرغب في أن يتيقن من حصوله على خدمة كاملة لقاء ماله, وربما أكثر من ذلك قليلا. وكما هى الحال مع  " سمسار العميل " كل ما يحتاج اليه المحلل في البداية , هو الفهم الصحيح لإتجاه هذا المستثمر واهدافه . فما أن يقتنع محلل الاوراق المالية بأنه يتعامل مع عميل يوجه جل عنايته واهتمامه بالقيمة لا السعر , وسوف يكون هناك فرصة جيدة لان يكون توصياته فائدة عظيمة .
مسشارون آخرون :
جرى العرف القديم في البلدان الصغيرة أن يقوم المرء باستشارة مصرفى محلى عن الاستثمارات . قد يفتقى هذا المصرفى للخبرة في تقييم الاوراق المالية , لكنه في كل الاحوال خبير ورزين فيما يذهب اليه من اراء . أما نفعه المتميز للمستثمر غير الخبير – الذي عادة ماتيسطر عليه الاغراءات وتكاد تدفعه دفعا نحو الانحراف عن المسار السليم والخاص بعدم الانقياد لمحاولات الاغراء والتحلى بالاسلوب المتحفظ – فيتمثل فيما يقدمه من اراء حصيفة وعاقلة تعيده إلى طريق الرشاد. أن المستثمر الذي يتسم بالجراة والاقدام ويبحث عمن يرشده إلى انتقاء الاوراق المالية الرخيصة لن يجد ضالته المنشودة فيما يسديه اليه المصرفى التجارى من نصائح .
اننا ننتقد بشدة العرف السائد والمتمثل في طلب الاستشارة الاستثمارية من الاقارب والاصدقاء . اذ يتوافر لدى السائل دوما سبب مقنع بأنلدى الشخص الذي يستشيره معرفة أو خبرة فائقتين . لكن خبرتنا تشير إلى أن هذا الاحتمال صعب المنال بقدر ما يكون احتمال انتقاء الورقة المالية الصحيحة بلا عون صعب المنال ايضا , و ما أكثر النصائح السيئة التى تحصل عليها مجانا .
ملخص الفصل :
ان المستثمرين الذين لديهم استعداد لدفع رسم مقابل ادارة محافظهم قد يختارون مكاتب استشارات استثمارية راسخة الاقدام وطيبة السمعة . أو قد يلجئون إلى الاقسام الاستثمارية الملحقة بكبرى شركات الائتمان  أو الخدمات الاشرافية التى تقدمها بعض شركات السمسرة في بورصة نيويورك في مقابل تقاضى رسم . وهكذا ستكون النتائج المتحققة متماشية مع تلك التى يرتضيها المستثمر المتحفظ الواعى .
ونشير هنا إلى أن اغلب من يشترى السندات لا يسدد أي مقابل عما يحصل عليه من نصائح . يعزى ذلك في اغلب الاحيان لعدم توقع ما هو اكتر من المعتاد من الاستثمار فيها  ( فهى ليست مخولة لاكثر من هذا ) . ولذلك على من يبتاعها أن يكون حذرا سواء من سماسرة العميل أو مندوبى بيع السندات , والذين يعدون المشترين بدخل أو أرباح فائقة .

وينطبق هذا على إختيار الاوراق المالية و على فن المتاجرة المراوغة  (  والمخادعة احيانا  )  داخل السوق .
لن يكون بوسع المستثمر المتحفظ  ( طبقا لتعريفنا السابق  )  اصدار احكام مستقلة على التوصيات التى يقدمها له مستشاروه. لكنه في المقابل سيكون دقيقا – واحيانا صبورا لحد الملل- في تحديد نوع السندات التى يرغب في حيازتها. فإن اتبع مشورتنا فسيقتصر على السندات الممتازة و على الأسهم العادية التى تصدرها الشركات الرائدة , وافضلها تلك الأسهم التى يمكن شراؤها باسعار مقبولة حيث أنها لاتعد مكلفة . وانه بوسع أي محلل للاوراق المالية في أي شركة سمسرة تتعامل في الأسهم أن يضع قائمة من مثل تلك الأسهم ويؤكد للمستثمر ما أن كانت اسعارها ملائمة في ضوء خبرته السابقة ام لا.
اما المستثمر المقدام فسوف يتعاون مع مستشاريه تعاونا وثيقا . حيث سيرغب في معرفة وجهة نظرهم بالتفصيل مصرا في الوقت نفسه على اصدار حكمه عليها بنفسه. معنى هذا أن مثل هذا المستثمر سيوجه توقعاته وطبيعة تعاملاته في الاوراق المالية نحو تطوير معارفه وخبراته لكى تعينه على امره . أما اتباع مشورة الخبراء المحترفين بدون نقاش والوقوف على مبرراتها والقبول الاعمى بقرارتهم فلا يحدث سوى في حلات قليلة نادرة .
ولان هناك دائما بائعى أسهم  يفتقرون إلى المبادةىء وسماسرة غير امناء فإننا ننصح قراءنا بأنيقصروا تعاملهم مع اعضاء بورصة نيويورك كما اننا نوصى القارىء بتوخى الحذر الشديد واللجوء في تداول الاوراق المالية وتسديد الرسوم إلى مصرف المستثمر كجهة وسيطة في هذه المعاملات. وقد تضحى صفحة سماسرة  " وول ستريت "  أكثر نقاء في غضون سنوات قليلة , أما في وقتنا هذا – في اواخر 1971- فمازلنا نرى أن " الوقاية خير من العلاج " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق