الأحد، 3 فبراير 2013

تعليقات على الخاتمة


تعليقات على الخاتمة
إن جوهر الاستثمار الناجح هو إدارة المخاطرة وليس تجنبها قد يبدو لك منذ الوهلة الأولى أن وضع " جراهام " 25 % من أموالهم في سهم واحد يجعله يبدو وكأنه يقامر بتهور بأموال مستثمريه و لكن عندما تكتشف أن " جرهام " بذل قصارى جهده ليضمن قيامه بتصفية شركة  " جى أي أى سى أو "  على الأقل مقابل ما دفعه فيها يصبح من الواضح أنه لم يجازف إلا مجازفة مالية محدودة للغاية , و لكن الأمر تطلب شجاعة هائلة منه لتحمل المجازفة النفسية المتمثلة في المراهنة الكبيرة على سهم مجهول * . أن عناوين الصحف اليوم مليئة بالحقائق المخيفة و المخاطر التى لم تحسم بعد : موت سوق المضاربة على الصعود التى شهدتها فترة التسعينات , تباطؤ النمو الاقتصادى و التحايل و التلاعب من جانب الشركات , و ظهور أشباح الإرهاب و الحرب . " أن المسثمرين لا يحبون الشك " على حد قول أحد المخططين الاستراتيجيين بالسوق على شاشة " فينانشيال تى في " أو في إحدى صحف اليوم . و لكن المستثمرين لم يحبوا الشك قط - و مع هذا فالشك هو حالة رئيسية في عالم الاستثمار . فلقد كان و سيظل دائما هكذا. و في حقيقة الأمر فإن " الشك " مرادف " الاستثمار " . و في الواقع لم يحظ أحد بالقدرة على أن يعرف أن وقتا بعينه هو أفضل وقت لشراء الأسهم , و لولا الإيمان و الثقة في المستقبل لما استثمر أحد , و لكى تكون مستثمرا لابد و أن تتحلى بالإيمان في غد أفضل .


إن حكاية " جراهام " النادرة تذكرة قوية بأنالأفراد الذين لا يتمتعون بنفس القدر من ذكائه عليهم دائما اللجوء إلى التنويع لحماية أنفسهم من مخاطرة وضع مقدار هائل من المال في استثمار واحد . و عندما يقر " جراهام " نفسه بأنشركة " جى أي أى سى أو " كانت " ضربة حظ " فتلك إشارة على أن أغلبنا لا ينبغى عليه الاعتماد على العثور على مثل هذه الفرص الرائعة . و للحيلولة دون تحول الاستثمار إلى مقامرة عليك اللجوء إلى اسلوب التنويع .





إن أكثر المستثمرين اطلاعا و معرفة و هو " جراهام " أحب قصة : " يوليسيز " التى ترويها أشعار " هومر " , و " ألفريد تنيسون " و " دانتى " . و في اواخر حياته كان " جراهام " يشعر بالمتعة من المشهد الذي يصف فيه " يوليسيز " كيف كان يلهم طاقم سفينته بالإبحار تجاه الغرب نحو المياه المجهولة وراء بوابات " هرقل " بمسرحية الجحيم لـ " دانتى " :

"  لقد قلت لهم : " إخوانى , يا من وطأت أقدامكم الغرب بعد ما لقيتم الاهوال و الأخطار .
دعونا بما تبقى في حواسنا من
يقظة و حذر قليلين لا نختار
أن نتجنب خوض تجربة الذهاب إلى العالم .
غير الماهول بالناس خلف قرص الشمس
عليكم أن تتذكروا من أي منبت أنتم :
إنكم لم تخلقوا لتعيشوا حياة الوحوش في البرية .
بل خلقتم لتسعوا إلى تحقيق الفضيلة و الفهم .
بهذا الخطاب الموجز أشعلت حماس زملائى على السفينة للقيام الرحلة , لدرجة أنه ما من شئ كان يمكنه أن يحول بينه و بين ذلك .
و هكذا يممنا مؤخرة السفينة شطر شعاع الصباح .
و حولنا المجاديف إلى أجنحة لتحملنا في رحلتنا الطويلة الجامعة * .  "

إن الاستثمار أشبه ما يكون بمغامرة , و المستقبل المالى هو العالم المجهول , و لكن مع اتخاذك " جراهام " مرشدا و ناصحا , فإن رحلة استثمارك سوف تكون آمنة بقدر ما هى مثيرة .
* " دانتى أليجيرى "  "  الجحيم " Inferno  (  كانتو XXVI  )  السطور من 112 - 125 ترجمة " جايسون زفايج " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق