الفصل 3
قرن من تاريخ سوق الأسهم :
مستوى أسعار الأسهم في أوائل عام 1972
إن الحافظة الاستثمارية للمستثمر التى تتكون من الأسهم العادية تمثل جانباً صغيراً من هذه المؤسسة الهائلة والعظيمة المسماة بسوق الأسهم , لذلك تقتضى الصحافة من المستثمر الذكى الإلمام بقسط كاف من المعرفة بتاريخ سوق الأسهم , و خاصة فيما يتعلق بتقلباته السعرية الرئيسية الكبرى في مستوى السعر والعلاقات المختلفة بين أسعار الأسهم ككل وأرباحها وتوزيعاتها . أن تسلح المستثمر بهذه الخلفية قد يجعله في موقع يؤهله لإصدار أحكام جيدة عن مدى جاذبية أو خطورة المستوى الذي يصل إليه السوق في كل مرة يطل فيها بوجه مختلف . و بالمصادفة يعود تاريخ البيانات الإحصائية النافعة عن كل من الأسعار و الأرباح و التوزيعات إلى مائة عام مضت , أي عام إلى عام 1871 ( و على الرغم من أن معلومات النصف الأول من هذه الأعوام المائة ليست كاملة و لا يعول عليها بشكل كامل , ولكنها مفيدة ونافعة ) . وسوف نستعرض في هذا الفصل الأرقام بشكل مكثف لتحقيق هدفين : أولهما بيان الأسلوب العام الذي تقدمت به الأسهم عبر العديد من دورات القرن الماضى . وثانيها هو إلقاء نظرة على الصورة في إطار متوسطات متعاقبة تصل مدة كل واحدة منها إلى عشر سنوات , ليس فقط لأسعار الأسهم , لكن لأرباحها وتوزيعاتها لإبراز العلاقات المختلفة القائمة بين هذه العوامل الثلاثة المهمة . و بعد أن تسلحنا بمثل هذه المعرفة الثرية كخلفية , سنتناول مستويات أسعار الأسهم في بداية 1972 .
لقد تم تلخيص التاريخ الطويل لسوق الأسهم في جدولين ورسم بيانى . ويوضح الشكل ( 3-1 ) المستويات العظمى والصغرى لدورات أسواق المضاربة على الصعود والهبوط خلال المائة عام المنقضية . و لقد استخدمنا مؤشرين يمثل أولهما مزيجا من دراسة مبكرة أجرتها لجنة " كاوليس " ويرجع تاريخها لعام 1870 ، والتى استمر نتاجها لوقتنا هذا متمثلاً في صورة المؤشر المعروف باسم مؤشر " ستاندرد آند بور " المركب الذي يضم 500 سهم . أما ثانيهما والأكثر شهرة ،فهو متوسط داو جونز الصناعى ( والذى يرمز إليه بـ DJIA أو Dow ) و الذي يرجع تاريخه لعام 1897 ، ويتكون من ثلاثين شركة ،منها شركة " أمريكان تليفون تليجراف " بالإضافة إلى تسع وعشرين شركة أخرى جميعها من كبريات المؤسسات الصناعية .
ويمثل الرسم البيانى الأول ، والمستقى من مؤشر " ستاندرد آند بورز " تقلبات مؤشر الأسهم الصناعية البالغ عددها 425 سهماً خلال الفترة من عام 1990 وحتى 1970 . ( وسوف يكون الرسم البيانى لمؤشر " داو جونز " ممثلاً للرسم البيانى لمؤشر " إس آند بى 500 ) إلى حد كبير ) .وسوف يلاحظ القارئ وجود ثلاث أنماط متميزة يغطى كل واحد منها ثلث مدة السبعين عاماً . وتمتد مدة النمط الأول خلال الفترة مابين عامى 190 و 1924 ، ويظهر في أغلب فتراته سلسلة من الدورات السوقية المتشابهة التى استمرت كل واحدة منها لمدة تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات . و لقد بلغ معدل الزيادة السنوية خلال تلك الفترة زهاء 3% و بعد ذلك ننتقل إلى " عصر سوق المضاربة على الصعود الجديد التى بلغت أوجها في عام 1929 و ما أعقبها من إنهيار مروع تبعته تقلبات غير عادية بالسوق استمرت حت عام 1949 . و فى معرض المقارنة بين متوسط مستوى عام 1949 ونظيره مستوى عام 1924 ، سوف نجد أن المعدل السنوى للزيادة لم يتجاوز 1,5% لأنه بحلول نهاية الفترة الثانية لم يكن لدى العامة أي حماسة على الإطلاق تجاه الأسهم العادية . و على النقيض مما سبق ، أضحى الوقت مواتيا لبدء أعظم سوق مضاربة على الصعود في تاريخنا ، كما هو موضح في الثلث الأخير من الرسم البيانى . وقد تكون تلك الظاهرة قد وصلت إلى ذروتها في ديسمبر عام 1968 عندما وصل مؤشر " ستاندرد آند بورز " الذي يضم 425 سهماً صناعيا إلى 118 نقطة ( أو 108 نقاط لمركب الأسهم الذي يبلغ عددها 500 سهم ) . وكما يبين الجدول ( 3-1 ) ، كانت هناك انتكاسات مهمة وكبيرة في الفترة بين عامى 1949 و 1968 ( وخاصة ما بين 1956 – 1957 و بين 1961 و 1962 ) ، ثم شهد السوق فترات انتعاش سريعة كان لابد من السيطرة عليها كما هو الحال مع حالات الكساد في ظل سوق فردية للمضاربة على الصعود ، وليس كدورات سوقية منفصلة . و بين المستوى المنخفض لمؤشر " داو " الذي بلغ 162 نقطة في منتصف عام 1949 والارتفاع الذي بلغ 995 نقطة في بداية عام 1996 وصل معدل الزيادة إلى ستة أمثال قيمتها خلال سبعة عشر عاماً – في ظل متوسط فائدة مركب يبلغ 11% سنوياً بدون حساب التوزيعات التى بلغت 3,5% سنويا تقريبا . ( وقد كانت الزيادة الت شهدها مؤشر " ستاندرد آند بور " أكبر من تلك التى شهدها مؤشر " داو جونز " ، حيث ارتفعت قيمتها من 14 إلى 96 ) .
ولقد تم توثيق نسبة الأربعة عشر في المائة وكذلك العوائد الأعلى في سنة 1963 ثم تم نشرها بعد ذلك في دراسة أوسع انتشاراً . و لقد أدى ذلك إلى خلق شعور طبيعى بالارتياح في وول ستريت لما تحقق من إنجازات رائعة ولكنه نشر في الوقت نفسه اعتقاداً خطيراَ وغير منطقى بأنه في وسع الأسهم العادية تحقيق نتائج رائعة مماثلة في المستقبل . وبدا أن عدداً قليلاً من الأفراد فقط هم الذين ساورهم القلق إزاء فكرة أن مقدار الزيادة قد يشير إلى أنه قد تمت المبالغة في تقديره . فلقد بلغ معدل الهبوط الذي أعقب ذلك من إرتفاع عام 1968 إلى انخفاض عام 1970 حوالى 36% بالنسبة لمكون مؤشر " ستاندرد آند بورز " ( أو 37% لمؤشر " داو جونز " ) ، و هو هبوط يعد الأشد من نوعه منذ الانخفاض الذي وصل إلى 44% في الفترة مابين عامى 1939 و 1942 و الذي كان بمثابة إنعكاس للشعور بالخطر والقلق الذي كان سائداً آنذاك بعد الهجوم على " بيرل هاربر " .
ولقد أعقب مستوى الانخفاض الذي شهده شهر مايو عام 1960 – و على نحو درامى كام هى العادة " وول ستريت " – انتعاش هائل وسريع في معدلات كلا المؤشرين إلى جانب وصول مؤشر " ستاندرد آند بورز " إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في أوائل عام 1972 . و لقد بلغت نسبة الزيادة السنوية في الاسعار خلال الفترة ما بين عامى 1949 – 1979 إلى 9% بالنسبة لمكون مؤشر " ستاندرد آند بورز " للشركات الصناعية ( أو المؤشر الصناعى ) و ذلك باستخدام متوسطات الأرقام لهذين العامين . و لقد كان مثل هذا النوع من معدلات الإرتفاع أعلى من مثيله من معدلات الإرتفاع الأخرى خلال أية فترة أخرى مماثلة قبل عام 1950 ( و لكن خلال العقد الأخير أصحى معدل الإرتفاع شديد التدنى حيث بلغ 5,25% لمؤشر " ستاندرد آند بورز " المركب ، ونسبة 3% التى ألفها مؤشر " داو " مرة واحدة من قبل ) .
ومن ناحية أخرى فانه ينبغى أن يرفق بسجلات حركات السعر ما يدعمها من أرقام للأرباح وتوزيعات الأسهم و ذلك للمساعدة في تكوين فكرة كاملة عما حدث لاقتصادنا القائم على الأسهم خلال العقود العشر الماضية . ونحن نقدم مثل هذه الصورة الشاملة في الجدول ( 3-2 ) . ونحن نحمل القراء أكثر مما يطيقون إذا ما توقعنا منهم دراسة هذه الأرقام كلها بعناية، ولكننا نأمل أن يجدها البعض مثيرة للاهتمام ومفيدة.
وفيما يلى تعليقنا عليها : تفصل أرقام العقد بأسره التقلبات السنوية التى وقعت وترسم صورة عامة تعكس وجود نمو مستمر . ويعكس عقدان فقط من العقود التسعة التى تلت العقد الأول ، وجود انخفاض في أرباح الأسهم ومتوسط أسعارها ( في الفترة ما بين عامى 1891 و 1900 ، والفترة ما بين 1931 و 1940 ) فى حين لم يظهر في أي عقد في أعقاب عام 1900 حدوث انخفاض في متوسط توزيعات الأرباح . و لكن على الرغم من ذلك تختلف معدلات النمو داخل الفئات الثلاث تماماً عن بعضها البعض . وبصفة عامة كان الأداء منذ الحرب العالمية الثانية رائعا بالمقارنة بالعقود السابقة عليها ، و لكن كانت معدلات الإرتفاع خلال فترة الستينات أقل وضوحا عن فترة الخمسينات . وليس في وسع مستثمر اليوم توقع نسب الأرباح أو توزيعات الأرباح والأسعار خلال العشر سنوات القادمة من هذا السجل ، ولكنه يوفر له مع ذلك كل الدعم الذي يحتاج إليه لوضع سياسة قوية للاستثمار في الأسهم العادية .
وتجدر الإشارة هنا إلى نقطة لم يكشف النقاب عنها في الجدول . فقد اتسم عام 1970 بحدوث تدهور واضح في الصورة العامة لأرباح الشركات الأمريكية ، حيث هبط معدل أرباح رأس المال المستثمر الأدنى مستوى له منذ سنوات الحرب العالمية . واالأمر المثير للدهشة كذلك حقيقة أن هناك عدداً كبيراً من الشركات قد سجلت حدوث خسارة تامة لأنشطتها ذلك العام ، بينما واجهت العديد من الشركات الأخرى " عثرات مالية " ، وللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود يشهر عدد لا بأس به من الشركات إفلاسه . و إن هذه الحقائق شأنها في ذلك شأن أي حقائق أخرى مماثلة تعزز العبارة سالفة الذكر ، والتى مفادها أن عصر الازدهار الكبير قد حمل حقائبه ورحل في الفترة ما بين عام 1969 وعام 1970 .
من السمات البارزة في الجدول ( 3-2 ) ، هو التغير الذي طرأ في نسب السعر إلى الأرباح منذ الحرب العالمية الثانية . ففى يونيو 1949 تم بيع أسهم شركات مؤشر " ستاندرد آند بورز " بما يفوق متوسط الأرباح التى كانت سائدة طوال الاثنى عشر شهراً السابقة بـ 6,3 مرة ، أما في مارس 1961 ، فقد بلغت تلك النسبة 22,9 مرة . و بالمثل ، انخفض معدل عائد توزيع الأرباح إلى مايزيد على 7 % في عام 1949 لتصل إلى 3 % فقط في عام 1961 ، و هو تناقض أبروه إرتفاع أسعار فائدة الأسهم الممتازة من 2,60 % إلى 4,50 % ويمثل بالتأكيد نقطة تحول فاصلة في موقف عامة المستثمرين في تاريخ سوق الأسهم بأسره .
جدول ( 3-2 )
صورة لأداء سوق الأسهم 1871 - 1970 .
معدل النمو السنوى
الفترة متوسط
السعر متوسط
الارباح متوسط السعر
إلى الارباح متوسط
توزيعات
الارباح متوسط
العائد متوسط ربح
السهم الموزع الأرباح توزيعات
الأرباح
1871-1880 3,58 0,32 11,3 0,21 6 % 67 % ــــــــــــــــ ــــــــــــــ
1881-1890 5 0,32 15,6 0,24 4,7 75 -0,64 % -0,66 %
1891-1900 4,65 0,30 15,5 0,19 4 64 -1.04 -2.23
1901-1910 8,32 0,63 13,1 0,35 4,2 58 +6,91 +5,33
1911-1920 8,62 0,86 10 0,5 5,8 58 +3,85 +3,94
1921-1930 13,89 1,05 13,3 0,71 5,1 68 +2,84 +2,29
1931-1940 11,55 0,68 17 0,78 5,1 85 -2,15 -0,23
1941-1950 13,90 1,46 9,5 0,87 6,3 60 +10,60 +3,25
1951-1960 39,20 3 13,1 1,63 4,2 54 +6,74 +5,90
1961-1970 82,50 4,83 17,1 2,68 3,2 55 +5,80ج +5,40ج
1954-1956 38,19 2,56 15,1 1,64 4,3 65 +2,40د +7,80د
1961-1963 66,10 3,66 18,1 2,14 3,2 58 +5,15د +4,42د
1968-1970 93,25 5,60 16,7 3,13 3,3 56 +6,30د +5,60د
أ- أعتمدنا في الأرقام الواردة هنا في الاساس على الأرقام التى وردت في مقال مولدوفسكى " قيم الأسهم وأسعارها " بصحيفة " فينانشيال اتاليست جورنال " المؤرخة بمايو 1960 . وقد أخدت هذه الأرقام بدورها من كتاب لجنة كاوليس " مؤشرات الأسهم العادية " عن السنوات التى سبقت عام 1926 و ما بعدها ,طبقا لمؤشر ستاندرد آند بور 500 المركب لعام 1926 وحتى الوقت الحاضر.
ب- قام مولدوفسكى بحصر ارقام معدل النمو السنوى التى تغطى فترات متتابعة خلال 21 سنة ، تنتهى أولاها في 1890 ،ثم 1900 ...إلخ
ج- معدل النمو لفترة 1968-1970 مقارنة بفترة ما بين عامى 1958 و 1960 .
د- تخض معدلات النمو المذكورة فترات 1954-1956 مقارنة بفترة 1947-1949 ، وفترة 1961-1956 ، وفترة 1968-1970 إزاء 1958-1960 .
لقد كان لتحول بين طرفى نقيض بمثابة إنذار قوى استشعر منه أصحاب الخبرة الطويلة والحرص الفطرى خطر الاضطرابات التى سوف تحدث في المستقبل . فلم يكن في مقدورهم منع أنفسهم من التفكير وهم يتوجسون خيفة من سوق المضاربة على الإرتفاع الذي استمر من عام 1926 وحتى عام 1929 وتوابعها المأسوية . و لكن لم تتحقق مخاوفهم في حقيقة الأمر ، فلقد ظلت أسعار إغلاق " داو جونز " في عام 1970 على ما كانت عليه منذ ست سنوات والنصف قبل هذا التاريخ ، ةاتضح أن شعار " أسعار الستينات تبلغ ذروتها " الذي روج له كثيراً لم يكن أكثر من مجرد سلسلة من الارتفاعات التى يعقبها مزيد من الانخفاض . و مع ذلك لم يحدث شيئ للنشاط التجارى و لا لأسعار الأسهم يمكن مقارنته بما حدث في سوق المضاربة على الهبوط والكساد الذي خيم بظلاله خلال الفترة ما بين عامى 1929 و 1932 .
مستوى سوق الأسهم في أوائل عام 1972 :
بعد وضع خلاصة نتائج الاستعراض الشامل لتاريخ الأسهم وأسعارها وأرباحها وتوزيعاتها طوال قرن من الزمن نصب أعيننا ، دعونا نحاول أن نستخلص بعض النتائج الأخرى حول مستوى 900 شركة من شركات مؤشر " داو جونز " و 100 شركة من شركات مؤشر " ستاندرد آند بورز " المركب في يناير 1972 .
لقد تناولنا في كل طبعة من الطبعات السابقى للكتاب مستوى سوق الأسهم وقت إعداد هذا الكتاب ، وسعينا للإجابة عن سؤال حول إمكانية القيام بعمليات شراء متحفظة في ظل الإرتفاع الشديد في الأسعار السائدة في السوق . وقد يجد القارئ أنه من المفيد مطالعة ما توصلنا إليه من نتائج فيما يتعلق بتلك الموضوعات .
ولينا بصدد ممارسة نوع من أنواع تعذيب النفس ، و إنما نسعى لتحقيق نوع من أنواع الربط بين مختلف المراحل التى مر بها سوق الأسهم خلال العشرين عاماً الماضية لكى نرسم واقعية من الحياة تعكس الصعوبات التى يواجهها كل من يحاول اتخاذ قرار حاسم ومستنير حول المستويات الراهنة للسوق . دعونا نستعرض في البدياة ملخص التحليلات التى قمنا بها للأعوام التالية : عام 1948 ، عام 1953 وعام 1959 التى وردنا في طبعة 1965 :
لقد طبقنا في عام 1948 معايير متحفظة على مستوى مؤشر " داو جونز " الذي وصل آنذاك إلى 180 نقطة ، و لم نجد أي صعوبة تذكر في التوصل إلى أن المؤشر لم يكن شديد الإرتفاع مقارنة بالقيم الأساسية , وعندما طرحنا هذه المشكلة في عام 1953 كان متوسط مستوى السوق لذلك العام قد وصل إلى 375 نقطة محققاً بذلك أرباحاً تربو على 50 % خلال خمسة سنوات . و لقد طرحنا على أنفسنا نفس السؤال المتعلق بما إذا كنا نعتقد أن وصول مؤشر " داو جونز " الصناعى إلى مستوى 275 نقطة مرتفع للغاية ، بحيث لا يناسب إقامة استثمار قوى أم لا .
وعلى ضوء الإرتفاع الواضح الذي تلا ذلك ذلك قد يبدو من الغريب محاولة القول أنه لم يكن من السهل بالنسبة لنا التوصل إلى نتيجة حاسمة بشأن مدى جاذبية مستوى عام 1953 . و مع ذلك فقد ذكرنا أنه من وجهة نظر مؤشرات القيمة – التى تعد بمثابة دليل الاستثمار الرئيسى الذي نعتمد عليه – فإن النتيجة التى توصلنا إليها بشأن أسعار الأسهم لعام 1953 يجب أن تكون إيجابية . و مع ذلك فقد انصب اهتمامنا على حقيقة أنه في عام 1953 ارتفعت المتوسطات لفترة أطول مما استمرت عليه غالبية أسواق المضاربة على الصعود السابق ، و إن قيمتها المطلقة تعد مرتفعة من الناحية التاريخية . وعند مقارنة تلك العوامل بقرارنا الخاص بوجود قيمة إيجابية ، فإننا ارتأينا ضرورة اتباع منهج وسط قائم على توخى الحذر . و لكن تكشف لنا فيما بعد أن ذلك لم يكن قولاً سديداً ، فقد كان في مقدور أي من العاملين بمجال التنبؤ توقع إرتفاع السوق في المستقبل بنسبة 100 % خلال السنوات الخمس اللاحقة . وقد يكون من حقنا الدفاع عن موقفنا ، بأننؤكد أن قلة فقط ممن يعنلون بحقل التنبؤ بسوق الأسهم – وليس هذا مجال عملنا على الإطلاق – كان في وسعهم توقع ما كان يخبئه القدر .
فى بداية عام 1959 ، وجدنا أن مؤشر " داو جونز " قد بلغ أقصى إرتفاع له على الإطلاق عند 584 نقطة . و يمكن تلخيص تحليلنا الذي استقيناه من مختلف وجهات النظر ( و الذي أوردناه بداية من صفحة 59 بطبعة 1959 ) فيما يلى : خلاصة القول إننا مضطرون إلى التعبير عن خطورة المستوى الحالى لأسعار الأسهم ، و مما يزيد من خطورة الأمر أن الأسعار شديدة الإرتفاع بالفعل . وحتى أن لم يكن الأمر كذلك ، فنحن نرى أنه لابد من أن تؤدى حركة السوق في النهاية إلى حدوث المزيد من الإرتفاع في الاسعار بدون مبرر . وصراحةً لا يمكننا تخيل سوق في المستقبل تخلو من وقوع خسائر فادحة أو تتوافر فيها ضمانات تكفل لكل مبتدئ تحقيق أرباح هائلة من وراء ما يقوم به من عمليات شراء الأسهم .
لقد كان التحذير الذي اطلقناه عام 1959 له ما يبرره بصورة أفضل إلى حد ما من تحذيراتنا التى أطلقت عام 1954 . و إن لم يكن في محله تماماً .فلقد ارتفع مؤشر " داو جونز " في عام 1961 حتى بلغ 685 نقطة ؛ ثم هبط إلى أقل من مستوى 584 نقطة ( وصل إلى 566 نقطة لاحقاً في نفس العام ، ثم ارتفع ثانية ليبلغ 735 في أواخر 1961 ، لينهار بعدها ليصل إلى 536 نقطة ليتعرض بذلك لخسارة تقدر بـ 27 % في غضون فترة قصيرة لم تتجاوز ستة أشهر . و في الوقت ذاته شهدت " أسهم القيمة " – التى تعد الأسهم الأكثر شيوعاً – هبوطاً حاداً أشد خطورة ، و هو الأمر الذي تجلى في التدنىى الشديد في قيمة السهم الذي لا خلاف على احتلاله لمكانة الذدارة بين ذلم النوع من الأسهم – إلا و هو سهم شركة " إنترناشيونال بزنس ماشينز " من إرتفاع بلغ 607 نقاط في ديسمبر من عام 1961 إلى انخفاض وصل إلى 300 نقطة في يونيو 1962 .
لقد شهدت تلك الفترة انهياراً كاملاً في مجموعة من الأسهم العادية حديثة الإصدار ، والخاصة ببعض الشركات الصغيرة – الإصدارات الساخنة المزعومة – والتى طرحت على العامة بأسعار باهظة مثيرة للضحك لترفع قيمتها مجدداً من خلال المضاربة التى لا داعى لها لمستويات أقرب غلى الجنون . ثم خسر العديد من تلك الأسهم 90 % من قيمة أسعارها في غضون بضعة أشهر قليلة .
لقد كان الانهيار الذي حدث في النصف الأول من عام 1962 شديد الوطأة ، أن لم يكن مأساويا ، على العديد من المضاربين الذين علمو أنفسهم بأنفسهم ، وربما على الكثيرين غيرهم ممن يفتقرون إلى المعرفة ويطبقون على أنفسهم " مستثمرين " . و لقد فوجئ المجتمع المالى كذلك بالانقلاب الذي حدث في وقت لاحق من هذه السنة . حيث استأنفت متوسطات سوق المال ارتفاعها على النحو التالى :
داو جونز مؤشر ستاندرد 500 المركب للأسهم
ديسمبر 1961 735 72,64
يونيو 1962 536 52,32
نوفمبر 1964 892 86,28
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد كان الانتعاش الذي شهدته أسعار الأسهم العادية مدهشاً حقاً لدرجة جعلت " وول ستريت " يراجع مواقفه . و مع تدنى الأسعار في يونيو 1962 انتشرت النتبؤات ببداية ظهور سوق للمضاربة على الهبوط و بعد الانتعاش الجزئى مع حلول نهاية ذلك العام أصابتهم الحيرة وبدأ الشك يتسرب إلى أنفسهم و لكن بداية عام 1964 تجلى التفاؤل الطبيعى لشركات السمسرة ثانية في أوائل عام 1964 ، وأيدت جميع التنبؤات تقريبا بداية ظهور سوق مضاربة على الصعود ، وهكذا استمر الحال خلال الإرتفاع الذي شهده عام 1964 .
ولقد قمنا بعد ذلك بتقييم مستويات سوق الأسهم في نوفمبر 1964 ( يوم أن كام مؤشر " داو جونز " عند 892 نقطة ) . وتوصلنا بعد مناقشة علمية مستنيرة تناولت زوايا عدة ، لثلاثة استنتاجات جوهرية . أولها أن " معايير التقييم القديمة لم تعد صالحة للتطبيق ، و لم يكن الزمن قد اختبر صحة المعايير الجديدة بعد " ، ثانيا " ينبغى على المستثمر أن يضع اسس السياسة التى يتبعها بناءً على وجود عدد كبير من الشكوك . وتتضمن الاحتمالات طرفى نقيض يتمثل أحدهما في إمكانية حدوث المزيد من الإرتفاع في مستويات السوق – بنسبة 50 % أو بمعدل يصل إلى 1350 نقطة لمؤشر " داو جونز " – من ناحية ، ويتمثل الاحتمال الاخر في إمكانية حدوث إنهيار هائل غير متوقع بنفس الحجم ،ليصل المؤشر إلى 450 نقطة تقريباً من ناحية اخرى " . أما النتيجة الثالثة فقد جرى التعبير عنها بدقة أكبر ، حيث ذكرنا " صراحة أنه إذا لم يكن مستوى أسعر عام 1964 شديد الإرتفاع ، فما مستوى الأسعار الذي يعد شديد الإرتفاع للغاية ؟ وانهينا الفصل بما يلى :
أي السبل نسلك ؟
لا ينبغى أن يستشعر خطورة مستويات سوق عام 1964 لمجرد أنه قرأ ذلك في كتابنا . فعليه أن يقارن بين وجهة نظرنا ووجهة النظر الاخرى التى سيطرحها عليهم أكفأ متخصصى " وول ستريت " وأكثرهم خبرة . و في النهاية على كل مستثمر أن يتخذ قراره بنفسه ، و إن يتحمل ما يترتب على ذلك من مسئولية . وإننا لتقترح على المستثمر أن راوده الشك بشأن أي السبل ينبغى أن يسلك فعليه بسبيل الحذر . و إن مبادئ الاستثمار –كما أوردناها أدناه –تقضى على ضوء ظروف عام 1964 باتباع ما يلى
1- عدم اللجوء للاقتراض بهدف شراء الأوراق المالية أو حيازتها .
2- عدم زيادة نسبة الأموال المستثمرة في الأسهم العادية .
3- خفض نسبة حيازة الأسهم العادية عند الضرورة ، بحيث لا تزيد نسبتها ععلى 50 % من إجمالي الحافظة المالية ، إذ لابد من سداد ضريبة الأرباح الرأسمالية بفترة سماح جيدة بقدر الإمكان مع إعادة استثمار العوائد في سندات ممتازة أو ودائع ادخارية
يقتضى المنطق أن يلجأ المستثمرون الذين يتبعون خطة لتوسيط التكلفة بالدولار بحسن نية ، أما أن يستمرو في عمليات الشراء الدورية التى يقومون بها دون تغيير ، أو يوقفوها حتى يتجاوز مستوى السوق مرحلة الخطر . وإننا ننهى بشدة اتباع خطة جديدة للتوسيط بالدولار التى كانت سائدة أواخر عام 1964 ، حيث كان العديد من المستثمرين يفتقرون إلى القدرة على احتمال مثل هذه الخطة ، إذا اتضح بعد الشروع في تطبيقها أن رياحها لن تأتى بما تشتهى السفن .
لذلك يمكننا القول أن حذرنا كان مبرراً هذه المرة . إذ ازداد إرتفاع مؤشر " داو جونز " ليصل إلى 11 % ، أو إلى 995 نقطة ، ولكنه سرعان ما هبط بصورة غير منتظمة إلى 632 في عام 1970 ، ثو وصل إلى 839 مع حلول نهاية ذلك العام . و لقد شهدت أسعار " الإصدارات المالية الساخنة " إختناقا مماثلاً ، حيث بلغت معدلات الهبوط 90 % ( كما حدث و في التراجع الذي شهده عام 1961 وعام 1962 ) . وكما أشرنا في المقدمة ، كان يبدو أن الصورة المالية بأسرها قد تغيرت باتجاه فتور الحماس والشك الشديد . وقد توجز حقيقة واحدة القصة بأكملها : لقد أغلق مؤشر " داو جونز " عام 1970 عند مستوى يقل عما كان عليه قبل ست سنوات – وهى الأولى التى يحدث فيها هذا الأمر منذ ما حدث في عام 1944 .
تلك كانت الجهو التى بذلناها بغية تقييم المستويات السابقى لسوق الأسهم ، و لكن ماالدروس المستفادة منها ؟ لقد اعتبرنا مستوى السوق في عامى 1948 و 1953 مشجعاً على الاستثمار ( و إن تطلب الأمر بعد ذلك ضرورة توخى الحذر في العام الأحير ) وخطراً في عام 1959 ( حين بلغ " داو جونز " 584 نقطة ) وشديد الإرتفاع ( حين بلغ المؤشر 892 نقطة ) في عام 1964 .
وإنه لفى وسعنا تبرير منطقنا هذا بكثير من الحجج المقنعة اليوم . ولكننا نشك غى أنها نافعة بنفس قدر منفعة نصائحنا الأكثر شيوعاً ، التى تؤيد اتباع سياية متكاملة ةمحكمة للاستثمار في الأسهم العادية من ناحية ،وتثبيط المساعى الرامية إلى " استباق السوق " وانتقاء " الأسهم الرابحة " من ناحية أخرى .
لكننا على الرغم من ذلم نرى أنه في وسع القارئ الاستفادة من بعض اسس تحديث تقييم مستوى سوق الأسهم ( هذه المرة اعتباراً من أواخؤ 1971 ) ،حتى و إن اتضح فيما بعد أنه مثير للاهتمام أكثر من كونه مفيداً من الناحية العملية ،أو أن للدلالة فيه الغلبة على النتائج . لقد وردت في بدايات كتاب الأخلاق لأرسطو مقولة حسنة جاء فيها : " من سمات العقل الواعى توقع ذلك القدر من الدقة الذي تسمح به طبيعة الشيئ ذاته ؛ لذلك ليس من المنطقى أن نتقبل مجرد استنتاجات من عالم الرياضيات ، أو أن نطالب خطيباً من الخطباء بالدقة التامة فيما يقوله لذلك فإن العمل الذي يقوم به المحلل المالى يجمع في طياته بين سمات عمل عالم الرياضيات والخطيب .
ولقد استقر مؤشر " داو جونز " عند 892 نقطة في مراحل مختلفة في نوفمبر من عام 1971 و هو المعدل الذي بلغه في عام 1964 وأشرنا إليه في طبعتنا السابقة . لكننا قررنا في إطار دراستنا الإحصائية الحالية استخدام مستويات سعر مؤشر " ستاندرد آند بورز 500 " المركب وبياناته ، وإذ أنه أشمل وأعم ويقدم انعكاساً للسوق العام من مؤشر " داو جونز " الذي يضم ثلاثين سهماً .
وسوف نركز على مقارنة هذه المعلومات قرب نهاية طبعتنا السابقة – أي نهايات أعوام 1948 ، 1953 ، 1958 ، 1963 إضافة لعام 1978 ، أما بالنسبة لسمتوى السعر الراهن فسنأخذ الرقم 100 الذي سجل في مختلف فترات عام 1971 وأوائل 1972 . وقد وضعنا الأرقام في الجدول ( 3-2 ) . وبالنسبة للأرقام الخاصة بالأرباح قدمنا نتيجة العام السابق ، وكذلك متوسط سنوات التقوييم الثلاث وبالنسبة لتوزيعات سنة 1971 اعتمدنا على الأرقام الخاصة بالأشهر الاثنى عشر الأخيرة وأما بالنسبة لفائدة السندات في عام 1971 وأسعار البيع بالجملة ، فقد اعتمدنا على اسعار أغسطس .
جدول 3 – 3 بيانات مؤشر p & s المركب في سنوات مختلفة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السنة أ 1948 1953 1958 1963 1968 1971
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سعر الاغلاق . 15.20 24.81 55.21 75.02 103.9 100 د
الارباح في العام الحالى . 2.24 2.51 2.89 4.02 5.76 5.23
متوسط الأرباح في ثلاث سنوات . 1.65 2.44 2.22 3.63 5.37 5.53
توزيعات الأرباح في السنة الحالية . 0.93 1.48 1.75 2.28 2.99 3.10
فائدة السندات الممتازة أ . 2.77% 3.08% 4.12% 4.36% 6.51% 7.57%
معامل سعر الجملة . 87.9 92.7 100.4 105 108.7 114.3
النسب .
السعر / أرباح العام الماضى . 6.3× 9.9× 18.4× 18.6× 18× 19.2×
السعر/ اراح الاعوام الثلاثة الماضية . 9.2× 12.2× 17.6× 20.7× 19.5× 18.1×
عائد الأرباح في ثلاث سنوات ج 10.9% 9.8% 5.8% 4.8% 5.15% 5.53%
عائد توزيع الأرباح . 5.6% 5.5% 3.3% 3.04% 2.87% 3.11%
عائد أرباح الأسهم إلى عائد السندات 3.96× 3.2× 1.41× 1.1× 0.8× 0.72×
عائد توزيع الأرباح إلى عائد السندات 2.1× 1.8× 0.8× 0.7× 0.44× 0.41×
الربح إلى القيمة الدفترية ه 11.2% 11.8% 12.8% 10.5% 11.5% 11.5%
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ عوائد على سندات " إس آند بى " الممتازة .
ب سنوات التقويم الميلادى 1948 – 1968 , بالاضافة إلى النسبة المنتهية في يونيه 1971 .
ج " عائد الأرباح " يعنى معامل قسمة الأرباح على الثمن بالنسبة المئوية .
د السعر في اكتوبر 1971 , أي ما يعادل 900 نقطة في مئشر داوجونز الصناعى .
ه متوسط الثلاث سنوات .
قرن من تاريخ سوق الاسهم
لقد كانت نسبة " السعر إلى الأرباح " التى كانت سائدة في السوق خلال السنوات الثلاث في شهر اكتوبر سنة 1971 اقل مما كانت عليه في نهايات عام 1963 , و عام 1968 . بينما ظلت كما كانت تقريبا في عام 1958 , و إن ارتفعت كثيرا عما كانت عليه في اوائل سنوات سوق المضاربة على الصعود طويلة الاجل . لا يمكـن تفسير ذلك المؤشر المهم , بمفرده , على أنه يشير إلى إرتفاع مستوى السوق في شهر يناير سنة 1972 على وجه الخصوص . و لكن عندما تضاف أرباح فوائد السندات الممتازة إلى الصورة , فإن النتيجة لا تكون ايجابية . وسيلاحظ القارىء من جدولنا أن نسبة عائدات السهم ( نسبة السعر إلى الأرباح ) بالمقارنة بعائدات السندات , قد ازدادت سوءاً خلال تلك الفترة باسرها , لذلك فإن ارقام يناير 1972 كانت اقل ايجابية بالنسبة للاسهم , طبقا لذلك المعيار , مقارنة باى سنة من السنوات السابقة التى تم فحصها . وعندما نقارن عائد التوزيعات بعائدات السندات نجد أن العلاقة قد تحولت إلى النقيض تماما في الفترة ما بين عامى 1948 و 1972 . فخلال العام الأول كان عائد الأسهم يبلغ ضعف ما تدره السندات من عائدات , أما الان فقد بلغت تلك العائدات ضعف ما تدره الأسهم , بل واكثر .
ان حكمنا النهائى على هذا الوضع هو أن التغيير العكسى في نسبة عائد الأسهم إلى نسبة عائد السندات يعوض بالكامل نسبة الأرباح إلى الأسهم الافضل التى تحققت في اواخر عام 1971 , و ذلك بناء على ارقام الأرباح التى تحققت خلال ثلاث سنوات . لهذا فإن نظرتنا إلى مستوى السوق في اوائل عام 1972 تكاد لم تتغير عما كانت عليه منذ سبع سنوات أو نحوها , اة أن السوق على هذا النحو ليس جذابا من وجهة نظر المستثمر المتحفظ ( وينطبق هذا على اغلب نطاق اسعار " داو جونز " لعام 1971 , الذي تراوح ما بين 800 و 950 نقطة ) .
وعلى ضوء التقلبات التاريخية التى شهدها السوق , فإن السمة الغالبة على الصورة التى كانت عليها اوضاعه ابان عام 1971 هى الانتعاش الشاذ من الانتكاسة الشديدة التى منى بها بين عامى 1969 – 1970 . لقد كان مثل هذا الانتعاش في الماضى بمثابة بشارة لبزوغ فجر مرحلة جديدة من عودة سوق المضاربة على الصعود التى بدأت عام 1949 واستمرارها ( كان ذلك هو الاعتقاد السائد في " وول ستريت " خلال عام 1971 ) . و لكن بعد التجربة الفظيعة التى مر بها من اقدم على شراء الأسهم العادية المتدنية خلال دورة 1968 – 1970 كان من السابق لاوانه ( في عام 1971 ) الاستعداد لجولة اخرى من دوامة شراء أحد الإصدارات الجديدة . والان لا تلوح في الافق اية بوادر يمكن التعويل عليها تنم عن وجود خطر وشيك , كما كان الحال عليه عندما وصل مؤشر " داو جونز " الـ 892 نقطة في نوفمبر 1946 و الذي تناولناه في طبعتنا السابقة . لذلك يبدو , من الناحية الفنية , أن الرياح تهب في اتجاه حدوث إرتفاع هائل في الاسعار , يتجاوز مستوى 900 نقطة لؤشر " داو جونز " , قبل حدوث أي انتكاسة اخرى جديدة أو إنهيار خطير . و لكن ليس بوسعنا ترك الامر عند ذلك الحد رغم أن ذلك هو ما ينبغى فعله . ففى اعتقادنا أن تجاهل السوق في بداية عام 1971 للتجارب المروعة التى حدثت قبل اقل من عام من هذا التاريخ امر يبعث على القلق . فهل هذا الاهمال سوف يمر بدون عقاب ؟ لذلك على المستثمر اعداد العدة استعدادا للاوقات الصعبة الوشيكة التى قد تاتى في صورة تكرار للانهيار المباشر والسؤيع كالذى حدث في 1969 – 1970 , أو ربما في صورة سوق اخرى للمضاربة على الصعود يعقبها إنهيار مدو .
فأى السبل نسلك ؟
عليك الرجوع إلى ما سبق وذكرناه في طبعتنا الاخيرة , و الذي كررنا ذكره في صفحة 109 من طبعتنا هذه . فتلك هى رؤيتنا في ظل نفس مستوى السعر – الذي يبلغ 900 نقطة على سبيل المثال – لمؤشر " داو جونز " اوائل عام 1972 , وهى لم تختلف عن رؤيتنا ابان اواخر عام 1964 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق