الأحد، 3 فبراير 2013

الفصل 6 سياسة الحافظة الاستثمارية للمستثمر


الفصل  6
سياسة الحافظة الاستثمارية للمستثمر
المغامر : الأسلوب السلبي

على المستثمر المغامر الانطلاق من نفس القاعدة التى ينطلق منها المستثمر المتحفظ ، إلا وهى تقسيم أمواله ما بين السندات الممتازة والأسهم العادية الممتازة التى تم شراءها بأسعار معقولة  .  ليسلك بعد ذلك دروباً مختلفة من الالتزامات المالية عند دروب المستثمر المتحفظ ، لكن ينبغى أن يكون هناك مبرر وجيه وراء هذا الاختلاف . و مع ذلك لابد من الاعتراف بأننا نواجه صعوبة في تناول هذا الموضوع بأسلوب منهجى ومنظم فليس ثمة نمط موحد أو مثالى للتعاملات الجرئية . فأمام المستثمر ميدان رحب من الخيارات ، و لا يجب أن يعتمد في اختياراته على جدارته الفردية على استعداداته فحسب ، بل وينبغى عليه أن يعتمد في الوقت ذاته على اهتماماته و على ما يفضله.
إن أكثر التعميمات فائدة التى تتعلق بالمستثمر المغامر يغلب عليها الطابع السلبي . فلندعه يترك الأسهم الرائجة الممتازة للمشترين من الشركات وندعه يتجنب أيضاً فئات السندات والأسهم الممتازة الادنى مرتبة ما لم يمكنه شراؤها بأسعار بخسة  (  أي بأسعار تقل بـ 30% عن القيمة الأسمية للأوراق المالية ذات اسعار الفائدة الثابتة والمرتفعة . وأقل كثيراً من القيمة الاسمية للأوراق المالية ذات أسعار الفائدة الثابتة والمنخفضة . وسوف يدع الآخرين يشترون أصدارت السندات الحكومية الجنبية ، حتى و إن بدت عوائدها جذابة . كما سيحتاط ضد جميع أنواع الأوراق المالية الجديدة ، بما فيها السندات القابلة للتحويل ، والأخرى الرائجة بالغة الجاذبية ، وكذلك الأسهم العادية ذات الأرباح  الممتازة والتى تحققت في الماضى القريب .
أما بالنسبة للاستثمارات التقليدية في السندات ، فسيفعل المستثمر المغامر خيراً أن اتبع نمط الاستثمار الذي أوصينا به لرفيقه المتحفظ ، و إن يقصر اختياره ما بين الأوراق المالية الممتازة الخاضعة للضريبة ، والتى تدر اليوم عائداً يبلغ 7,5 % ، و بين السندات الجيدة المعافاة من الضرائب والتى تدر عائداً يبلغ 5,30 % على آجال الاستحقاق طويلة المدة
سندات الدرجة الثانية والأسهم الممتازة
منذ أواخر عام 1971 أصبح الحصول على سندات الشركات من الدرجة الأولى الممتازة التى تدر عائداً يبلغ  1/47 % واكثر ، امرأ ميسوراً تماماً ولذا لم يعد من المنطقى شراء سندات من الدرجة الثانية لعائدتها المرتفعة وحسب . و لقد وجدت الشركات التى تعانى من ضعف مركزها الائتمانى نسبياً استحالة قيامها بيبع  " السندات العادية "  ، أي غير القابلة للتحويل ، للعامة خلال العامين الماضيين و من ثم وفرت مصادر لسداد ديونها من خلال بيع السندات القابلة للتحويل  (  أو سندات بضمانات  )  مما وضع هذه السندات في فئة مستقلة . وبصفة عامة ، فإن جميع السندات غير القابلة للتحويل ذات التصنيف المتدنى ، تمثل أوراقاً مالية قديمة تباع بخصم كبير مما يتيح فرص تعظيم القيمة الاسمية للسند في ظروف مستقبلية مواتية ، و هو ما يعنى هنا تحسين مستوى تصنيف المركز الائتمانى للشركة من جهة ، وخفض أسعار الفائدة العامة من جهة أخرى .
وتظل المنافسة قائمة بين سندات الدرجة الثانية وغيرها من الاوراق المالية الأخرى الأفضل منها حتى في ظل وجود خصومات السعر و ما قد ينتج عنها من زيادة في القيمة الاسمية . و لقد تم بيع بعض من الالتزامات القوية التى تسير معدلات كوبوناتها على الأسلوب القديم  (  بفائدة تتراوح ما بين 2,5 % تصل إلى 4 %  )  بما تصل قيمته إلى 50سنتاً لكل دولاراً عام 1970 . وأمثلة هذه السندات سندات " أمريكان تليفون آند تليجراف " التى تصل فائدة معدل كوبونها إلى 2,625، وتستحق عام 1986 وتم بيعها بـ 51 سنتاً ، وشركة آتشيسون توبيكا آند سانتافى آر أرفورز "  ، والتى تستحق عام 1995 ، وبيعت بـ 51 ، و " ماكجروهيل "  التى تصل فائدة معدل كوبونها إلى 3,875 ، وبيعت عند 5,5 و من ثم في ظل الظروف التى كانت سائدة في أواخر عام 1971 كان في وسع المستثمر المغامر الحصول على كل ما يرغب فيه من السندات الممتازة فيما يتعلق بالدخل وفرص إرتفاع القيمة .
وسوف نشير في مواضع أخرى من الكتاب ، إلى أن أي موقف محدداً استمر لفترة طويلة فيما مضى يمكن أن يتكرر في المستقبل . لذلك تجدر الإشارة هنا إلى السياسة التى قد يضطر المستثمر المغامر للجوء إليها أن عادت مستويات الأسعار ومعدلات عائد السندات الممتازة لحالتها الطبيعية السابقة . لذلك سوف نشير مجدداً إلى ما ذكرناه من ملاحظات وردت في طبعة 1965، حينما كانت عائدات السندات الممتازة 4,5 % فقط .
ينبغى أن نتناول بالحديث في هذا المقام الاستثمار في سندات الدرجة الثانية التى قد يصل عائدها في بعض الأحيان إلى 8% أو أكثر ، ويتمثل الاختلاف الرئيسى و بين سندات الدرجة الأولى في عدد المرات التى تغطى فيها المكاسب رسوم الفائدة . فعلى سبيل المثال ، في أوائل عام 1964 حققت كل من شركة " ميلوكى " و "  شيكاغو " و " وسانت بول " و " باسيفيك " التى تمثل 5% من سندات الديون أو الدخل في بداية 1964- عند 68 نقطة – عائداً بلغت نسبته 7,35% في حيت بلغت أرباح تحصيل رسوم الفائدة الإجمالية  (  قبل احتساب ضرائب الدخل  )  مرة والنصف من قيمتها فقط في عام 1963. مقابل خمس مرات حسب تقديرنا لأى سندات سكة حديد مضمونة.
ويقبل العديد من المستثمرين على شراء هذا الصنف من السندات " لحاجتهم إلى دخل "  ، وعدم اكتفائهم بالعائد الهزيل الذي توفره سندات الدرجة الأولى . و لكن تشير التجربة إلى أنه ليس من الحكمة شراء سندات أو أسهم  رائجة غير مضمونة بصورة كافية لا لشيء إلى لمجرد أن عائدها جذاب .  (  وتشير كلمة مجرد هنا إلى أن الورقة المالية لا تباع بخصم كبير ، وبالتالى لا تتيح فرصة لحدوث زيادة كبيرة في قيمتها الأصلية  )  وإذاحدث واشتريت هذه السندات بأسعار كاملة وتامة – بمعنى إلا يقل سعر شرائها كثيراً عن 100 نقطة سعرية
-فسوف تتزايد احتمالات توافر فرص هائلة لأن يرى حاملها تسمية سعرية أدنى في المستقبل . و لكن عندما تتدهور أحوال الناشط أو يمر السوق بظروف سيئة يكون مثل هذا النوع من الإصدارات عرضه لحالات تدهور شديدة قد تؤدى إلى تعليق صرف التوزيعات أو الفوائد أو تعريضها للخطر على الأقل ، كما يعترى الأسعار ضعف واضح حتى و إن لم تكن نتائج ادائها سيئة على الإطلاق وكمثال محدد على هذه الخاصية لسندات الدرجة الثانية ، دعنا نلخص سلوك أسعار مجموعة من سندات دخل السككك الحديدية ما بين عامي 1946 ، 1947 . وهى مجموعة تضم السندات التى بيعت عند 96 نقطة سعرية أو أعلى من ذلك في عام 1946 ، وبلغت قيمة أسعارها في المتوسط تقريباً 102,5 . و لكن بحلول العام الذي يليه تدنت أسعارها لمتوسط بلغ 68 فقط ، وهى خسارة تعادل ثلث القيمة السوقية ، و في غصون فترة وجيزة للغاية . و لكن الغريب في الأمر أن سندات السكك الحديدة عادت في عام 1947 وحققت أرباحاً فاقت ما حققته عام 1946، فاتى تدهور أسعارها خلافاً لصورة النشاط ، وكان بمثابة انعكاس لمحاولة التخلص من المخزون في السوق ككل ، و لكن تجدر الإشارة إلى أن نسبة التقلص التى شهدته سندات الدخل فاقت نسبة التقلص الذي شاهدته الأسهم العادية المدرجة في مؤشر " داو جونس "    (  حيث بلغت 23% في السندات  )  . فكان جلياص أن مشترى هذه السندات بتكلفة أعلى من 100, لم يكن ليتوقع لي درجة يمكن المساهمة في تحسين ظروف السوق . وكانت الميزة الوحيدة الجذابة فيها هى عائدها الذي بلغ في المتوسط 4,25% تقريباً  (  مقابل 2,50% للسندات الممتازة ، وبزيادة قدرها 1,75% في الدخل السنوى  )  . لكن سرعان ما أوضح تتابع الأحداث أن حامل سندات الدرجة الثانية يخاطر بفقدان جانب كبير من قيمتها الأصلية من أجل الحصول على الزيادة الضئيلة في دخلها السنوى .
المثال سالف الذكر يجعلنا نعبر عن احترامنا للوهم الشائع الذي ينضوى أسفل ما يسمى بـ  " استثمار رجال الأعمال "  ، ذلك النوع من الاستثمار الذي يسمح بشراء ورقة مالية تدر عائداً يفوق ذلك الذي تحققه السندات الممتازة مع تحمل مخاطرة أعلى في المقابل . أنه لصفقة خاسرة تلك التى تجعلك تقبل خسارة اصل قيمة استثمارك ، لقاء زيادة 1% أو 2 %  في دخلك سنوياً فإذا كان لديك الاستعداد لتحمل بعض المخاطر فلابد و إن تضمن تحقيق زيادة هائلة في أصل استثمارك أن صارت الأمور على ما يرام . لذلك يعد شراء سند من الدرجة الثانية بفائدة 5,5 أو 6 % يباع بقيمته الرسمية غير المربحة . أما إذا تم بيع نفس الإصدار عند 70 نقطة يكون في ذلك بعض المناطق ، ويمكنك حينئذ إذا تحليت ببعض الصبر ابتياعه عند ذلك المستوى
تتسم سندات الدرجة الثانية والأسهم المنتقاه بخاصيتين متناقضتين ينبغى على المستثمر الذكى أن يضعها في الحسبان . يعانى كلاهما من التدهور الحاد إذا ما ساءت أحوال السوق ، و لكن  تستعيد نسبة كبيرة منها قوتها بعودة الظروف المواتية ، وهى الظروف التى تعيد الأوامر لطبيعتها الجيدة. وينطبق الأمر نفسه حتى على الأسهم الممتازة  (  التراكمية  )  ، والتى قد لا توفر أية توزيعات أرباح لصاحبها ولسنوات .فلقد كان هناك عدد من تلك الأسهم في بداية الأربعينات ، كنتيجة لطول فترة الكساد التى خيمت بظلالها على الثلاثينات . خلال فترة الازدهار التى تلت الحرب  (  ما بين عامي 1945 و 1947  )  جرى تغطية مقدار كبير من هذه الأرباح  المتراكمة أما نقداً أم بإصدار أسهم  جديدة ، مع تسديد أصول المبالغ المستثمرة في الوقت ذاته . فحقق الذين اشتروا تلك الأسهم منذ سنوات حينما لا تكن رائجة وبيعت بأبخس الأثمان ، أرباحاً وفيرة  .
ولن نجاوز الصواب إذا قلنا أنه بالإمكان تعويض خسارة أصل قيمة اصدارات الدرجة الثانية ، و من عائداتها . بعبارة أخرى ، قد يصادف المستثمر الذي أقدم على شراء هذه الفئة من السندات ، على المدى الطويل نفس النجاح الذي صادفه من اقتصر على سندات الدرجة الأولى بل وربما قد يفوقه نجاحاً .
لكن يصبح السؤال هنا في غير محله . فبغض النظر عن العائد ، سيظل مشترى سندات الدرجة الثانية بسعرها التام يشعر بالقلق إذا ما تدهورت أسعارها . بل ولن يكون في مقداره شراء ما يكفى من تلك السندات لضمان الحصول على نتيجة " متوسطة " كما لن يكون بوضع يخوله تخصيص جانب من داخله الكبير لتعويض أو " تقليص " الخسارة المحتملة في أصل قيمتها السند ، هذه الخسارة التى لن يعوضها شيء إذا ما وقعت . وأخيراً من البديهى الامتناع عن شراء السندات عند 100  (  نقطة سعرية  )  إذا ما كانت الخبرة الطويلة قد علمتنا أنه في إمكاننا شراءها عند 70 أو أقل في أقرب سوق ضعيف لاحق .
سندات الحكومات الأجنبية :
يعلم المستثمرون كافة ، حتى محددوى الخبرة منهم أن تاريخ الاستثمار في السندات الأجنبية سيء منذ عام 1914 . و لقد كان هذا أمراً حتمياً في ظل حربين عالميتين تخللهما كساد عالى لم يسبق له مثيل . و لكن كل بضع سنين ، تتحسن أوضاع السوق بما يكفى لتداول سندات أجنبية بسعر يقترب من قيمتها الأسمية . وتعطينا ظاهرة تداول السندات الأجنبية هذه لمحة عن عقل المستثمر العادى ، وهى نظرة تتجاوز مجرد تفكيره في سوق السندات.
وليس لدينا سبب وجيه لاهتمام بمستقبل السندات الأجنبية التى لها مكانتها كسندات استراليا والنرويج . ولكننا نعلم على وجه اليقين ، أن ما يبدى حامل هذه السندات الأجنبية أية أداة ، لا قانونية و لا غيرها ، يطالب بها بحقه إذا ما وقعت المشاكل . فقد شهد الذين اشتروا السندات الكوبية  ( 4,5 )  في عام 1953 عند 117 سنداتهم وقد توقفع عائداتها نهائياً لتتدنى قيمتها إلى 20 في عام 1963 و لقد تضمنت بورصة نيويورك في العام نفسه سندات الكونغو البلجيكية  (  5,25 )  عند 36 ، واليونانية  (  7 )  عند 30 ، وغيرها من الإصدارات المختلفة كسندات بولندا عن سبع نقاط سعرية . و لكن كم من القراء لديه فكرة عن التقلبات التى تعرضت لها سندات تشيكوسلوفاكيا  ( البالغة فوائدها 8%  )  منذ أن طرحت لتداول للمرة الأولى بهذا البلد في عام 1922 عند 96,5 ؟ فلقد ارتفعت قيمتها إلى 112 نقطة سعرية في عام 1928 لتنهار بعد ذلك إلى 67,75 في عام 1932، ثم تتعافى لتصل إلى 106 عام 1936 لتنهار ثانية في عام 1939 إلى 6 نقاط سعرية ثم تشهد انتعاشاً لا يصدقه عقل لتصل إلى 117 في عام 1946 لكن سرعان ما هبطت إلى 35 في عام 1948 ، لتبدأ عند ثمانى نقط سعرية في عام 1970!
ولقد اثيرت منذ سنوات مناقشات حول شراء السندات الأجنبية استناداً إلى حقيقة مفادهاأن دائناً ثرياً مثل الولايات المتحدة عليها التزام اخلاقى يقضى بضرورة اقراض غيرها من الدول .
لكن بمرور الزمن تبدلت الأحوال وأصبحنا نعانى من مشكلة في ميزان المدفوعات يعزى سببها جزئياً إلى إفراط المستثمرين الأمريكيين في شراء السندات الأجنبية رغبة في الزيادة الطفيفة في عائدها ومنذ سنوات خلت ونحن نشك في الجاذبية المتأصلة في مثل هذا النوع من الاستثمار من وجهة نظر المشترى الذي من الأفضل له ولوطنه غض الطرف عن مثل هذا النوع من السندات


لمحة عامة عن الإصدارات الجديدة
قد لا يكون من الحكمة في شيء محاولة تعميم الأحكام بشأن الإصدارات الجديدة كفئة واحدة . إذ تغطى هذه الأوراق المالية الجديدة مدى رحباً من الجودة والجاذبية. مما لا شك فيه أنه ستكون هناك استثناءات لأية قواعد مقترحة. و لكن كل ما يسعنا قوله أنه يتحتم على المستثمرين توخى الحذر من الإصدرات الجديدة، مما يعنى قيامهم ببساطة بفحصها بعناية وإخضاعها لاختيارات عسيرة قبل الإقدام على شرائها .
ولهذا التحذير سببان : أولها أن الإصدارات الجديدة تتطلب نوعاً خاصاً من فن البيع مما يستدعى بالضرورة وجود درجة خاصة من درجات مقاومة الشراء  . أما السبب الثانى ، هو أن أغلب الأوراق المالية الجديدة تباع في ظل الظروف المواتية التى يشهدها السوق ، ونعنى بالظروف المواتية هنا الظروف التى تميل كفتها لصالح البائع أكثر مما تميل لصالح المشترى .
وتزداد أهمية هذين الإعتبارين كلما تدرجنا بدئاً بالسندات الممتازة ثم إلى سندات الدرجة الثانية وانتهاءً بالأسهم العادية المتقلبة التى تحتل ذيل القائمة .
لقد تم القيام بقدر هائل من المعاملات التمويلية في الماضى تضمنت إعادة دفع السندات الحالية بسعر استدعاء واستبدالها بأوراق مالية ذات كوبون أقل قيمة . و لقد تمت غالبية هذه المعاملات في فئة السندات الممتازة والأسهم المنتقاة وكان المشترون في هذه المعاملات مؤسسات مالية في أغلب الأحوال ، وهى مؤهلة تماماً لحماية مصالحها. فجرى تسعير عروض هذه الوراق المالية بعناية ، لتتسق مع الأسعار الحالية لنظيرتها من الإصدرات الأخرى لذلك لم يعد لفن البيع ، على الرغم مما يتمتع به من ثقل ونفوذ ، تأثير على النتيجة ، و مع استمرار تدهور أسعار الفائدة ، وجد المشترى نفسه يدفع ثمناً باهظاً مقابل تلك الإصدارات ، تلا ذلك هبوط حاد في قيمة العديد من الأسهم لاحقاً في السوق . يعد ذلك مظهراً من مظاهر الميل العام لبيع أوراق مالية جديدة من الأنواع كافة عندما تكون الظروف ملائمة للشركة المصدرة لها و لا تتعدى الآثار الضارة بالنسبة للمشترى في حالة الأوراق المالية فائقة الجودة من الدرجة الولى كونها غير سارة أكثر منها خطيرة .
ولكن يختلف الأمر إلى حد ما عند دراسة سندات الفئات الأدنى والأسهم الرائجة التى طرحت للبيع خلال عامي 1945 ، 1946 وعامي 1960 ، 1961 حيث تظهر آثار جهود البيع المبذولة بصورة أوضح ، حيث لم يقدم على شراء هذه الإصدارات سوى افراد المستثمرين و من تعوذه الخبرة منهم . وكان من خصائص هذه الأوراق المالية عدم ظهورها بمظهر جيد على نحو كاف عند الحكم عليها على ضوء المستوى أداء الشركات المصدرة له طوال عدد كاف من السنوات . وقد بدت اوراقاً مالية تتمتع بدرجة أمان كافية ، في اغلب الأحيان ، إذا ما افترضنا أن الأرباح  التى تحققت مؤخراً سوف تستمر دون أن تشهد حدوث أي انتكاسه خطيرة . و لقد قبل رجال البنوك الاستثمارية التى أصدرت هذه الأوراق الافتراض لم يصادف مندبو مبيعاتهم أي صعوبة تذكر في إقناع أنفسهم وعملائهم بها . ورغم كل شيء ، كان ذلك أسلوباً استثمارياً غير سليم ومكلفاً .
تتسم فترات اسواق المضاربة على الصعود بتحويل عدد هائل من الشركات الخاصة إلى شركات ذات أسهم  مدرجة في البروصة حدث هذا في عامى 1945 ، 1946 وتكرر في عام 1960 . ووصلت الأمور آنذاك لنسب استثنائية إلى أن انتهى بها المطاف إلى الإغلاق المأساوى في مايو من عام 1962. فبعد الاستقرار الذي امتد لسنوات. تكررت المأساة الكوميدية بنفس تفاصيلها خلال الفترة بين عامى 1967 ، 1969  .


سياسة الحافظة الاستثمارية للمستثمر المغامر ك الأسلوب السلبي
طرح الأسهم العادية الجديدة
فيما يلى فقرات معادة من طبعة عام 1959 من هذا الكتاب بدون تغيير ن مع إضافة تعليق عليها:
يأخذ تمويل الأسهم العادية صورتين . في حالة الشركات المدرجة بالفعل ، يتم طرح الأسهم الإضافية بما يتناسب مع حاملى الأسهم الحاليين . ويكون سعر الاكتتاب أقل من المستوى الراهن للسوق ويكون لحقوق الاكتتاب قيمة نقدية مبدئية   ويجرى التعهد باكتتاب عملية بيع الأسهم الجديدة من خلال مؤسسة أو أكثر من مؤسسات الاستثمار المصرفى ، و إن ساد التوقع والمل في  أن تتم عمليات شراء الأسهم خلال ممارسة حقوق الاكتتاب . وطبقاً لما سبق ، لا يتطلب بيع أسهم  إضافية سبق وأدرجت الشركات المصدرة لها في البورصة بذل أية جهود بيع نشطة من جانب شركات التوزيع .
أما الصورة الثانية فهى طرح أسهم  شركات القطاع الخاص لأول مرة بالبورصة . حيث يجرى طرح هذه الأسهم للبيع بغرض التحكم في الفوائد المحسوبة عليها ، و هو ما يخول الشركة المصدرة الاستفادة من ظروف السوق المواتية وتنويع مصادر التمويل .  (  عندما تكون هناك حاجة لتوفير المزيد من المال من اجل نشاط الشركة يتم الحصول عليه من خلال بيع الأسهم الممتازة و هو ما أشرنا إليه في ملاخطة سابقة ) . وتتبع هذه الصورة من صور التمويل نموذجاً شديد التحديد ، و هو النموذج الذي يعرض العامة ، بما تتصف به أسواق الأوراق المالية بطبيعتها ، للخسائر ويصيبهم بخيبة الأمل . وتنبع تلك المخاطر مما تتسم به طبيعة الأنشطة التى يتم تمويلها على هذا النحو من ظروف السوق التى تجعل هذه الصورة من التمويل أمراً ممكناً .
خلال النصف الأول من هذا القرن تم طرح أسهم  عديدة من الشركات  الأمريكية  الرائدة للتداول في البورصة . وبمرور الزمن ، تضاءلت أعداد هذه الشركات الرائدة مما جعل عمليات طرح الأسهم العادية الاكتتاب العام المبدئي .

تتركز أكثر ما تتركز في الشركات الأصغر حجماً نسبياً بصورة متزايدة . لكن تمثلت التداعيات المؤسفة لهذه الفترة في تفضيل المشترين ابتياع أسهم  الشركات الكبرى وتحاملهم على أسهم  الشركات الأصغر حجماً . و لكن يتلاشى هذا التحامل وتخفت حدته – مثله في ذلك مثل كثير من المشاعر الأخرى – عندما تنشأ سوق المضاربة على الصعود . فحينئذ تكفى أرباح الأسهم العادية لتخفيف حدة انتقادات العامة وشحذ غريزة التملك بداخلهم . و في غضون هذه الفترات، يمكن العثور على عدد كبير من الشركات الخاصة التى تحقق نتائج طيبة للغاية ، ورغم أننا لو عدنا بسجل أداء هذه الشركات إلى عشر سنوات إلى الوراء ، لما وجدنا فيها شيئاً مميزاً .
وعندما تتجمع هذه العوامل معاص تظهر النتائج التالية : بعد مرور فترة على ظهور سوق المضاربة على الصعود يبدأ طرح السهم العادية للاكتتاب العام . وتكون أسعار هذه الأسهم جذابة ، ويحقق مشترو الإصدارات الأولى منها بعض الأرباح  الهائلة . وباستمرار اتجاه السوق نحو الإرتفاع ، يزداد لجوء الشركات لهذه الصورة من صور التمويل بينما يزداد أداؤها تدهوراً وتتأرجح أسعار البيع والشراء حتى تصبح باهظة . و من العلامات الأكيدة التى تشير إلى اقتراب نهاية سوق المضاربة على الصعود حقيقة أن الأسهم العادية للشركات الصغيرة غير المصنفة يتم طرحها بأسعار تفوق نوعاً ما مستوى الأسعار الراهن للشركات ذات الحجم المتوسط التى لها تاريخ طويل في السوق .  (  نضيف هنا أن جانباً محدوداً من إجمالي التمويل بالأسهم العادية إنما يجري من خلال مؤسسات الاستثمار المصرفى التى لها وزنها وسمعتها )   .
إن تهاتفت العامة واقترن ذلك برغبة الشركات في بيع كل ما كان يبدو مربحاً ، لا يؤديان إلا إلى نتيجة واحدة ، إنهيار الأسعار . حيث تفقد الأسهم الجديدة 75% من قيمتها في أغلب الأحوال ، كما تفقد أكثر من هذه النسبة في أسعار الطرح . و ما يزيد الوضع سوءاً ، هو ما سبق وذكرناه من بُغض العامة لنفس ذلك النوع من أسهم  الشركات الصغيرة ، والتى أقدموا على شرائها في أوقات الصفاء . و لكن تهبط قيمة اغلب هذه الأسهم كثيراً عن قيمتها بنفس النسبة التى سبق وبيعت بأعلى منها .
إن المستثمر الذي يحتاج أشد ما يحتاج إلى القدرة على مقاومة ألاعيب رجال البيع حيال الأسهم العادية حديثة الإصدار خلال أسواق المضاربة على الصعود وحتى أن اجتاز سهم أو سهمان من هذه الأسهم اختبارات الجودة والقيمة العسيرة فعلى الأرجح سوف تكون سياسة الانغماس في مزاولة مثل هذا النشاطفكرة سيئة . وبالطبع سيعمد مندوب البيع للإشارة للعديد من مثل هذه الأسهم والتى ارتفعت لمستويات كبيرة بالسوق ، وقد يكون البعض منها قد وصل إلى مستوى مذهل من الإرتفاع يوم بيعه . لكن ذلك كله لا يعدو أن يكون جزءاً من مناخ المضاربة ، فهو مال سهل يسير، لكنك تكون محظوظاً أن خسرت دولارين فقط مقابل دولاراً صرفته على مثل هذا النوع من الاستثمارات .
قد يمثل شراء بعض هذه الأسهم صفقات رابحة، لكن ذلك لن يكون إلا بعج سنوات قليلة عندما لا يرغب فيها أحد ، وتباع آنذاك بجزء ضئيل من قيمتها الحقيقية .
فى طبعة عام 1965 استأنفنا مناقشة هذا الموضوع على النحو التالى :
فى الوقت الذي تعذر فيه تحليل الخصائص الأوسع نطاقاً لسلوك سوق الأسهم  (  منذ عام 1949 )  تحليلاً متقناً يستند إلى الخبرة الطويلة فإن تطور الطرح العام المبدئي للأسهم العادية الجديدة ظل يجري بنفس الأسلوب القديم . ولسنا ندرى على وجه اليقين ما إذا كان قد طرح من قبل مثل هذا القدر من الأسهم الجديدة منخفضة الجودة ، والتى تنهار اسعارها انهياراً حادافى النهاية ، مثلما حدث في الفترة ما بين عامى 1960 ، 1962 . أن قدرة سوق الأسهم ككل على الابتعاد سريعاً عن هذه الكارثة ، لظاهرة استثنائية بحق تستدعى إلى الأذهان الذكريات القديمة لنفس هذا الموقف المماثل الذي اتخذه السوق إزاء الانهيار الذي شهده سوق عقارات ولاية فلوريدا في عام 1925. و لكن هل لابد من العودة لجنون طرح أسهم  جديدة مرة أخرى حتى تشرف السوق الراهنة للمضاربة على الصعود على الانتهاء ؟ من من يدري ؟ لكننا نعلم أن المستثمر الذكى لن ينسى ما حدث في عام 1962 ويترك للآخرين جنى الربح السهل من هذا الطرح، قبل أن يتجرعوا كأس الخسارة الفادحة التى سرعان ما تعقب سكرة هذا الربح.
لقد اتبعنا هذه الفقرات التى وردت في طبعة 1956 " بمثال مروع "  عن بيع أسهم  " شركة أتينا ماينتنانس "  بـ 9 دولارات في نوفمبر 1961 . إذ جرى الأمر نفسه، وارتفع سعر السهم ليصل إلى 15 دولاراً ، ثم لينهار إلى 2,375 في العام التالى ثم إلى 0,875 من الدولار فقط في عام 1964. أما بقية تاريخ هذه الشركة ، فجرى بصورة غير اعتيادية مبيناً بعض التحولات الغريبة للغاية في مجتمع الأعمال الأمريكي خلال السنوات الأخيرة . وسيجد القارئ الذي يعتريه الفضول لمعرفة التاريخ القديم والحديث لهذه الشركة مبتغاه في الملحق الخامس .
وليس ثمة مثال مؤلم نورده هنا أكثر من المثال الحديث لذات القصة القديمة ، و الذي جرت أحداثه هذه المرة ما بين عامي 1967 و 1970 . فليس ثمة ما يلائم قصدنا هنا أكثر من حالة شركة " تريبل إيه إنتربرايسز "  ، والتى كانت أول شركة أدرجت في دليل أسهم  مؤشر " ستاندرد آند بورز "  . حيث بيعت أسهم  هذه الشركة للجمهور عام 1968 بسعر 14 دولاراً ، وسرعان ما ارتفع سعر السهم ليبلغ 28 دولاراً ، ليهبط بعد ذلك هبوطاً شديداً في أوائل عام 1971ليصل إلى أقل من 25 سنتاً  (  بل وحتى هذا السعر يمثل مبالغة في تقدير قيمة السهم ، إذ دخلت الشركة المصدرة له محاكم إشهار الإفلاس في حالة ميئوس منها  )  .
ومما لا شك فيه أن هناك دروساً جمة ومحاذير من الواجب تعلمها من قصة طرح الأسهم للاكتتاب العام المبدئي . وسوف نتناول هذا الموضوع في الفصل السابع عشر .

تعليقات على الفصل 6
 "  الضربات الطائشة هى أكثر الضربات التى تصيبك بالإنهام "
 " أنجيلو داندى " ، مدرب ملاكمة
هذه العبارة  موجههة لكل من المستثمر المغامر والمتحفظ على حد سواء : ما لا تفعله لا يقل أهمية عما تفعله من أجل تحقيق النجاح . و في هذا الفصل يضع " جراهام " قائمة تفصيلية بما   " لا يفعله " المستثمرون المغامرون .وفيما يلي قائمة الوقت الراهن .
هل هي سندات ردئية ؟
إن سندات العائد المرتفع ، التلا يطلق عليها " جراهام " سندات الدرجة الثانية أو السندات الأدنى جودة ويطلق عليها اليوم " السندات الرديئة "  ، لا تحظى بقبول من " جراهام " . فلقد كان أمراً مكلفاً للغاية في أيام " جراهام "  أن يقوم المستثمرالفرد بتنويع سنداته لتجنب مخاطرة الإعسار .  (  ولمعرفة إلى أي مدى يمكن أن يصل سوء مخاطرة الإعسار، ووكيف يمكن أن يسقط مستثمروا السندات حتى المحنكون منهم بإهمالهم في مثل هذا الشرك انظر ص 146  ) . أما اليوم . فهناك ما يزيد على 130 من صناديق الاستثمار المتخصصة في معاملات السندات الرديئة. حيث تقوم هذه الصناديق بشراء تلك السندات بالجملة وتحتفظ بالعشرات من مختلف أنواع السندات مما يسهم في التخفيف من حدة شكوى " جراهام " من صعوبة التنويع  (  لكن تحيزه ضد السندات الممتازة ذات العائد المرتفع يبقى في محله نظراً لعدم توافر وسيلة تكون رخيصة ومتاحة في المتناول لتخفيف حدة مخاطرها  )  .
ومنذ عام 1978، بلغ معدل إعسار سوق السندات الرديئة في المتوسط إلى 4,4 % سنوياً ، و لكن حتى بعد الإعسار ، ظلت تلك السندات تدر عائداً سنوياً بلغ 10,5 %

بحار من الأذى
سببتها سندات " ورلد كوم "
إقدام المرء على شراء سند لا لشيء سوى لارتفاع عوائده ، أشبه بالإقدام على الزواج لا لشيء سوى لإشباع غريزة ما . فإن ذهب الشيء الذي اجتذبك في بادئ الأمر فستجد نفسك تتساءل : ماذا هناك بعد؟ ، وعندما تكون الإجابة عن هذا السؤال هي " لا شيء " يتحطم قلبك سواء كنت متزوجاً أو حامل سن.
لقد مثلت مبيعات شركات وولد كوم في التاسع من مايو 2001 ، أعلى نسبة طرح للسندات في تاريخ الشركات المريكية حيث بلغت قيمتها 11,9 مليار دولاراً . وكان من الشركات التى تهافتت على عائد تلك السندات المرتفع الذي بلغ 8,3% ، " كاليفورنيا بابليك إمبلوييز رريتايرمينت سيستم " أو صندوق كاليفورنيا القومى للمتقاعدين ، أحد أكبر صناديق معاشات في العالم ، وكذلك " رتايرمينت سيستمز أوف ألاباما " أو صندوق ألاباما للتقاعد ، والتى قال مديروها فيما بعد أن " العائدات الهائبة كانت جذابة للغاية عند ما أقدمنا على شرائها وشركة  " كوربويت بوند فاند "  ، والتي كان مديرها المساعد مغرما بالعائد الضخم لشركة  " ورلد كوم "  وأخذ يتباهي بذلك قائلا : " إننا نحصل علي دخل إضافي أكثر من كاف مقابل المخاطر التي قد نتعرض لها  " . لكن أي قراءة سريعة في ثلاثين ثانية لنشرة سندات ورلد كوم، تظهر أن ليس ثمة ما تعطيه هذه السندات سوى عائداتها المرتفعة أما ما عدا ذلك فهو الخسران المبين . خلال عامين من الأعوام الخمسة الماضية لم يكف دخل " ورلد كوم " قبل سداد الضرائب  (  أي أرباح الشركة قبل سداد الضرائب المستحقة عليها لمصلحة الضرائب  الأمريكية   )  لتغطية تكاليفها الثابتة  (  تكاليف صرف الفوائد لحملة أسهمها  )  ، وبلغ مقدار عجزها 4,1 مليار دولاراً . و لم يكن بوسع " ورلد كوم " تغطية دفعات السداد الخاصة بسنداتها إلا بطريق واحد و هو أقتراض المزيد من الأموال من المصارف . وبوجود هذا العون المتاح على السندات ، زادت " ورلد كوم " من تكاليف سداد فوائدها بمبلغ 900 مليون دولاراً أخرى سنوياً . ونقتبس هنا التشبيه الذي اورده السيد  " كريوسوتى "  : في كتابه Monty Python's The Meaning of Life  فنقول أن " ورلد كوم " أتخمت نفسها إلى حد الانفجار .
وليس ثمة عائد مهما ارتفع ، يمكن أن يعوض المستثمر عن هذا النوع من الخسارة . وحقاً قدمت سندات " ورلد كوم "  عوائد ضخمة وصلت إلى 8 % لقلة من الشهور ، ولكنها – كما تنبأ لها  " جراهام "  – كشفت بهذا العائد المرتفع عن أنه ليس هناك أي غطاء حماية للمستثمر فيها ، فكان ما يلي :
أفلست " ورلد كوم "  في يوليو 2002
اعترفت " ورلد كوم " في اغسطس من نفس العام بأنها بالغت فيما ذكرته عن أرباحها بما يزيد على  سبعة مليارات دولاراً .
انهارت " ورلد كوم وتعرضت لخطر الإعسار و لم تعد قادرة على تغطية تكاليف الفوائد وخسرت السندات ما يزيد على 80% من قيمتها الأصلية .

مقابل سندات الخزانة  الأمريكية  ، والتى تدر عائداً بلغ 8,6 % وتستحق بعد 10 سنوات  . ولسوء الحظ تفرض أغلب صناديق السندات الرديئة رسوماً مرتفعة فيما تقدم حماية واهية لأصل المبلغ الذي استثمرته فيها . وتمثل مثل هذه الصناديق فرصة ملائمة لك إذا كنت متقاعداً وتبحث عن دخل شهرى إضافى تستكمل به مبلغ المعاش ويسعك في مقابل ذلك أن تتحمل التدنى المؤقت في قيمة السند ،و إذا كنت موظفاً بمصرف أو أي جهة مالية أخرى ، فقد تؤدى أية ارتفاعات حادة في أسعار الفائدة إلى خفض علاوتك ، بل وقد تهدد وظيفتك نفسها ، فقد تمثل هذه السندات ، والتى يتفوق أداؤها على سائر السندات الأخرى عند إرتفاع أسعار الفائدة ، خياراً منطقياً لك إذا كنت ترغب في تحقيق التوازن في خطط تقاعدك . لكن ذلك لا يعدو كونه أحد الخيارات المتاحة أمامك ، وليس التزاماً عليك كمستثمر ذكى .
محفظة الشتات :
لم ير " جراهام " في السندات الأجنبية ما يميزها عن السندات الرديئة   . أما في أيامنا هذه ، فإن وجود سند أجنبى في المحفظة المالية على سبيل التنويع قد يجتذب المستثمر الذي يمكنه تحمل مخاطرة كبيرة . و في الوقت الحالى هناك دزينة من صناديق الاستثمار المشتركة المتخصصة في السندات التى يتم إصدارها بالأسواق الناشئة في دول  (  والتى درج العرف على تسميتها بدول العالم الثالث  )  كالبرازيل والمكسيك ونيجيريا وروسيا وفنزويلا. و لا يقدم أي مستثمر عاقل على تخصيص أكثر من 10% من محفظته الاستثمارية ، لمثل هذه السندات . و لكن لعدم اقتران حركة صناديق الاستثمار في السندات الأجنبية لتقلبات سوق الأسهم  الأمريكية  ، تعد هذه الصناديق نوعاً نادراً من الاستثمارات التى يستبعد تعرضها لهزات تبعاً لتدهور مؤشر " داوجونز "  . ولعلى في هذا ما يمنحك بعض الطمأنينة على حافظتك الاستثمارية في وقت قد تكون في امس الحاجة لهذه الطمأنينة  .
النهاية المأسوية للمضارب
لقد رأينا في الفصل الأول كيف أن التداول اليومي – أي حيازة الأسهم لبضع ساعات ثم الإقدام على بيعها – هو أفضل سلاح يمكن استخدامه للانتحار المالى . فقد يحقق لك بعض من عمليات التداول بعض الأرباح  و لكن سوف تخسر معظمها . و لكن الرابح الوحيد في جميع الأحوال هو سمسارك .
قد يؤدى تعطشك للمضاربة بالأسهم إلى تدنى قيمة عائدك منها . فقد يضطرك شغفك لحيازة سهم ما لأن تقبل بسهولة بزيادة عشرة سنتات على سعره المتداول . أن هذه التكلفة الإضافية ، والتى يطلق عليها اسم " تأثير السوق " ، لن تظهر قط في بيان السمسرة الخاص بك و مع ذلك فهى حقيقة واقعة . فإذا بلغ بك ميلك لشراء ألف سهم بزادة خمسة سنتات على متوسط سعره في السوق . فقد كلفت نفسك للتو تكلفة حقيقة – غير مرئية – تبلغ خمسين دولاراً . من ناحية أخرى ، عندما يهرع المستثمرون المذعورون لبيع سهم بأقل من سعره الراهن يعاود تأثير السوق في الظهور من جديد .
إن تكاليف التداول تمحو عوائدك كافة كما تمحو ما البحر الرسوف فوق الرمال . أن بيع وشراء سهم رائج قد يكلفك ما تتراوح قيمته ما بين 2% ، 4%  (  أو ربما 4% إلى 8% في جولة واحدة بيعاً وشراءاً  )    فإذا اشتريت أسهماً بألف دولاراً لهذا الغرض فإن تكاليف التداول تلتهم ما لا يقل عن 40 دولاراً من هذا المبلغ حتى إذا قبل أن تبدأ ، فإذا ما قمت ببيعه ، فسوف تتحمل تكاليف تداول أخرى ضافية تصل إلى 4% .
حسناً ، هناك أمر آخر لابد من ذكره ، و هو عندما تقوم بالتداول بدلاً من الاستثمار فأنت حينئذ تحول الأرباح  طويلة الأجل 0 التى يفرض عليها أقصى سعر ضريبى للأرباح الرأسمالية الذي يصل 20% )  إلى دخل عادى  (  يخضع لأقصى سعر ضريبى يبلغ 38,6%  )  .
عليك إذن أن تضع كل ذلك في الحسبان ، واعلم بأنمتداول السهم يحتاج إلى تحقيق ربح لا يقل عن 10% فقط ليغطى به نفقات البيع والشراء  . أن في وسع أي شخص منا فعل ذلك مرة واحدة بضربة حظ ، و لكن تكرار المحاولة لتبرير الهواجس التى ستنتابه والكوابي التى ستراوده وتسبب الاكتئاب فهو ضرب من ضروب المستحيل .

لقد حاول آلاف الناس أن يفعلوا ذلك من قبل وكانت العاقبة جلية : كلما أقدمت على المضاربة ، قل ما استبقته يداك .
لقد درس استاذا المالية " براد باربر " ، و " تيرانس أودين " من جامعة كاليفورنيا ، سجلات التداول الخاصة بما يزيد على 66000 عميل من عملاء إحدى كبرى شركات السمسرة بالخصم. ووجدوا أن هؤلاء العملاء قد أجروا ما يزيد على مليون وتسعمائة ألف عملية تداول ما بين عامي 1991 و 1996 . ووجدوا أنه قبل أن تلتهم تكاليف التداول عائداتهم ، استطاع الأفراد الذين شملتهم الدراسة استباق السوق بمتوسط 0,5% على الأقل سنوياً . أما بعد خصم نفقات التداول فقد وجدوا أن أنشط هؤلاء المتداولين الذين قاموا بتغيير 20% مما في حيازتهم من أسهم  شهرياً قد تحولوا من استباق السوق إلى التخلف عنه بــ 6,4 % نقطة سنوياً . أما أكثر المستثمرين صبراً ، والذين لم تتجاوز تداولاتهم 0,2% مما في حيازتهم من أسهم  شهرياً . قد نجحوا في استباق السوق بنسبة ضئيلة و ذلك بعد اقتطاع نفقات تداول . لقد كان حرياً بهؤلاء الاحتفاظ بكل شيء لأنفسهم . بدلاً من بعثرته على السماسرة و على مصلحة الضرائب  الأمريكية    .  (  انظر الشكل 6 – 1 لتتعرف على النتائج  )
والعبرة واضحة : لا تقدم على فعل أي شيء . فقط انتظر . فقد ىن الأوان لكي يعترف الجميع بأنمصطلح " المستثمر على الأجل الطويل " ليس أكثر من مجرد إطناب . و إن المستثمر على الجل الطويل هو النوع الوحيد من المستثمرين الذي لا نوع غيره . أما الشخص الذي لا يسعه الاحتفاظ بسهم ما سوى لبضعه أشهر قليلة فقط فعاقبته هى الخسارة لا المكسب .

الطائر الذي يصحو مبكراً يحصل على الدودة
من بين شعارات تحقيق الثراء السريع التى سممت عقل عامة المستثمرين في التسعينات وكانت أكثر الأفكار فتكاً هى فكرة إمكانية الوصول إلى الثروة من خلال شراء الأسهم التى يتم طرحها للاكتتاب العام المبدئى . أن الاكتتاب العام المبدئي هو " الطرح العام المبدئي " بمعنى بيع سهم إحدى الشركات العامة لأول مرة ، قد يبدو للوهلة الأولى أن الاستثمار في " الطرح العام المبدئى "  فكرة جيدة ، و لم لا ؟ ، فلو كنت قد ابتعت أسهم  " مايكروسوفت " في طرحها الأول بالثالث عشر من مارس 1986، بقيمة 2100 دولاراً ، لكان استثمارك هذا تنامى ليصل إلى 720000 دولاراً في أول عام 2003  . كما بين استاذا المالية " جاى ريتر "  و ، " ويليام شويرت " أنك أن استثمرت ما مقداره 1000 دولاراً في كل سهم طرح للمرة الأولى في يناير عام 1960 ، بسعر الطرح المبدئى ، ثم بعته بنهاية هذا الشهر ثم عاودت الاستثمار في بداية كل شهر في أسهم  الشركات حديثة الطرح فإن قيمة حافظتك الاستثمارية سوف تتضاعف إلى 533 ديسيليون دولاراً بنهاية عام 2001 .

أى أن تبلغ قيم محفظتك الاستثمارية الرقم التالى بالدولار
خمسمائة وثلاثة وثلاثين ديسيليوناً
 (  الشكل 6-1 )
كلما أسرعت في الركض أصبحت في المؤخرة


قام الباحثان " براد باربر "  و " تيرانس أودين " بتقسيم آلاف المتداولين إلى خمسة أنواع اعتماداً على عدد المرات التى كانا يغيرون بها حيازتهم من الأسهم . هؤلاء الذين كانوا يقومون بأقل عدد من التداولات  (  على اليسار )  كانوا يحتفظون بمعظم مكاسبهم . أما المتداولون غير الصبورين ومفرطوا النشاط فكانوا يحفظون لسماسرتهم الثراء وليس لأنفسهم  (  يشير العمودان بأقصى اليمين إلى صندوق مؤشر الأسهم المقارنة  )
المصدر : البروفيسيور " برادباربر "  من جامعة كاليفورنيا في " دافيس وبروفيسيور "  تيرانيس أودين " من جامعة كاليفورنياا في " بيركلى "

لكن للأسف في مقابل كل سهم رابح حديث الطرح مثل مايكروسوفت ، هناك آلاف من الأسهم الخاسرة . يقول عالما النفس " دانييل كانيرمان " و " آموس فيرسكى " ، ، أن البشر عندما يقدرون احتمال حدوث أو تكرار حدوث واقعة ما فإنهم لا يفعلون ذلك استناداً إلى عدد تكرار وقوع الحدث بقر ما يستندون إلى المدى الذي يمكن أن يجعل ذكرى الأمثلة الماضية حية في الأذهان . فنحن جميعاً راغبون في شراء أية أسهم  جديدة  ستطرحها مايكروسوفت ، ذلك لأننا نعلم جيداً أننا فوتنا أسهمها الأولى . لكننا نتغاضى عن حقيقة كون أغلب أسهم  الطرح المبئى الأخرى تعد استثماراً فاشلاً . أما الخمسمائة وثلاثة وثلاثون ديسيليون دولاراً السابقة ، فقد كان بوسعك أن تربحها فقط إذا لم يفتك و لا سهم واحد من الأسهم الرابحة النادرة التى تم طرحها للاكتتاب العام المبدئي في السوق ، و هو بالطبع أمر يستحيل حدوثه . و في النهاية يحصلعلى العائد الضخمة لهذه السندات اعضاء نادى خاص وحصرى – بنوك الاستثمار الكبرى وصناديق الاستثمار . والتى تشترى السندات بأسعار مبدئية  (  أو تعهد الاكتتاب  )  قبل أن تطرح تلك الأسهم للتداول العام . ورغم هذا فإن أغلب الارتفاعات السريعة وقصيرة الأجل لا تبلغا إلا أسهم  صغيرة لدرجة أن كبار المستثمرين لا يمكنهم الحصول على أي حصص منها لأنه لم يكن متاحاً منها سوى النزر اليسير .
فإن اتبعت – و هو ما يحدث مع اغلب المستثمرين – هذه السندات بسعر يفوق سعر إصدارها المبدئي ، فإن نتيجة هذا ستكون مروعة . فإذا كنت قد اشتريت هذه السندات وطوال الفترة من 1980 وحتى 2001 بسعر الإغلاق الأول ، ثم أبقيتها في حوزتك لثلاث سنوات ، لكنت قد خسرت من قيمتها ما يناظر 23% نقطة سنوياً من متوسط قيمتها بالسوق  .
ربما ليس ثمة سهم يجسد حلم الثراء كذلك الذي تبيعه السندات بسالفة الذكر مثل سهم " في إيه لينوكس "  أو كما كانوا يطلقون عليها ط مايكروسوفت الجديدة " ، والتى اجتذبت مشتريها الأوائل بشعار " اشتر الآن وتقاعد بعد خمس سنوات "
يبدو أن مبلغ 12,7 مليار دولاراً مقبول بالنسبة لي " ؟ أم كنت ابتسمت بكياسة وعدت لحفلة شوائك متسائلاً . ما الذي كان يدخنه جارك هذا قبل حديثكما ؟ اعتماداً على حكمنا الشخصى ، أقول أنه ليس هناك شخص عاقل يثبل شراء شركة تبلغ خسائرها ثلاثة عشر ملياراً ، خسرت منها بالفعل 30 مليون دولاراً .
لكننا عندما ننتقل بالحديث عن الشركة من النطاق الخاص إلى النطاق العام حين يصبح التقييم فجأة عبارة عن سباق على الشعبية ، نجد أن سعر سهم هذه الشركة قد أضحى أهم كثيراً من القيمة الحقيقية للنشاط الذي يمثله . ومادام هناك من هو على استعداد لدفع سعراً من سعرك مقابل سهم الشركة فليس هناك أي أهمية لقيمة النشاط .

خلاصة القول : أنه بعد الإرتفاع الصاروخى للسهم في أول أيام تداوله هبط السعر هبوطاً مدوياً : وبحلول التاسع من ديسمبر 2002 ، أي بعد ثلاث سنوات من اليوم الذي بلغ فيه سعر هذا السهم 239,50 دولاراً ، أغلق سعر سهم " في إيه . لينوكس " عند 1,19 دولاراً للدولار.
على المستثمر الذكى بعد دراسة الدلائل دراسة متأنية ، أن يخلص إلى أن أسهم  " الطرح المبدئي العام " ويمكن وصفها بأربع عبارات :
قد تبلغ أسعارها حد الخيال
لكن أرباحها هى الأخرى خيال ،
ولا ينالها سوى المقربين ،
بينما تتبدد أحلام الحمقى الغاضبين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق